الثلاثاء، 18 أغسطس 2009

شرير الشاشة‏..‏ محمود المليجي..بقلم سناء البيسي

الطيبون والأشرار خرجوا كلهم وراء نعش يوسف بك وهبي العظيم يودعونه لمثواه الأخير‏..‏ بين صفوف المشيعين تساند محمود المليجي علي توفيق الدقن يهمس له‏:‏ الظاهر خلاص الدفعة مطلوبة وباين الحكاية بالدور يا تيفة‏..‏ ويرد الدقن مجففا دموعه‏:‏ كله علي ودنه يابو حنفي‏..‏ ويسقط خط الدفاع الأول والثاني يا مولاي‏,‏ ويتمشي اللي ما يتسماشي بعشوائية منجله المرصود يحصد ما يحلو له من بين الصفوف بغض النظر عن مسألة السن أو الاختلاف ما بين الأخيار والأشرار‏,‏ حقيقة أو تمثيل‏..‏ ولقد كان محمود المليجي هو الشرير الأعظم في تاريخ الشاشة إلي أن سطع نجم فريد شوقي‏,‏ ليتقلص دور المليجي لحسابه حتي دخل الساحة أشرار جدد من نوعية حسن حامد بطل المصارعة خريج المعهد العالي للتربية الرياضية‏ لكن نجاحه كان محدودا لتستقبل الشاشة بالحفاوة شريرا ارستقراطيا أنيقا من أبناء الذوات يشد أزره بكأس من السم الذهبي‏..‏ رشدي أباظة‏..‏ وظل المنتجون يحرصون علي تلاقي المليجي ورشدي في أفلامهم إلي أن استقرت مكانة رشدي عند جماهيره‏,‏ ومثلما كان علي المليجي تقبل العلقة الأخيرة قبل كلمة النهاية من شوقي أصبح يتلقاها من أباظة ليسقط مدحورا من كل منهما لتسعد الجماهير‏,‏ وربما كان فريد رحيما به أكثر لأنه كان يدخل المعركة فائقا مدركا وفي كامل وعيه وهو ما لا يفعله رشدي بطل الملاكمة الذي لابد وأن كانت لكمته الغائمة في الصميم الدامي‏..‏ وعموما أصبح المليجي ملطشة الأبطال حتي ولو كان متفوقا في الأداء‏..‏ومضت الأعوام ويتراجع المليجي للمركز الثاني ليترك سباق المقدمة لمعترك شوقي ورشدي‏,‏ وفي دورة الأيام يأتي عادل أدهم صاحب اللون الخاص في أداء الشرير ليزاحم الثلاثة الأصل والصورة والتقليد‏..‏ كل هذا بينما أستاذية المليجي لم تعترف بالتفوق عليها سوي لممثل واحد فقط هو العملاق زكي رستم عندما كان الشريران يجتمعان في لقاء السحاب إذا ما كان للشر سحاب‏:‏ كنت أنا إذا ما حملقت بعيني في وجه فتاة فإنها تنصرع وقد أقتلها بنظرة عيني‏,‏ ورغم ذلك فإن زكي رستم إذا تطلع لي مضمرا الشر فإن ركبي تسيب ومفاصلي توجعني مقدما لأنه فنان يستغرق في الدور حتي يغدو من الصعب أن تخرجه من الشخصية التي تتقمصه أو يتقمصها‏,‏ ومن هنا كانت خشيتي لأننا لو كنا في معركة قاتلة فقد يقترف فعل القتل في نوبة اندماج أو شطحة صدق وتبقي مصيبة‏...‏المليجي‏..‏ كانت في قدرته وقدرة عيونه أن يرسلها وهو قابع في مكانه وراء زناد البندقية أو في مخبأه بين أعواد الذرة أو خلف باب موصد فتشل أوصال الضحية لتتصنم موضعها في انتظار قدومه من بعد اشعاعات نظرات عيونه‏..‏ عيون حذر الممثلون بعضهم البعض من التطلع إليها أثناء التصوير‏,‏ فمن ينظر في هاتين العينين لابد وأن يتلعثم ويتعثر وتضيع منه كلمات الحوار‏..‏ عيون لها سطوة ونفوذ وإملاء‏,‏ تأمر فتطاع‏,‏ وتحكم فيتم تنفيذ الإعدام‏,‏ وتبلبل الاتزان فيجن الإنسان‏..‏ عيون كأنما فانوسان مشتعلان بقوة ألفين حصان ترمح عصابتها تجاهك فتستسلم من لحظة طلتها وطلعتها‏..‏ عيون صاحبة إرادة فولاذية تتسع في لحظات التحفز والانقضاض للنهش المرير‏..‏ عيون تشرخها الشرايين الحمراء كأنها سحجات سيوف في معارك طاحنة لم تستطع النيل من أصداف الدروع الصلبة‏..‏عيون يخيل لي أنهما كانا زاد وزواد المليجي في التمثيل‏,‏ فيكفيه أن يؤدي بهما ليستريح هو‏..‏ عيون جعلت النجمة الشابة ترتجف وتنخرط في البكاء ليوقف المخرج التصوير وينتحي بها جانبا يسألها ما بها فتقول‏:‏ خايفة من الأستاذ محمود‏....‏ وتفر زبيدة ثروت مرتعدة الأوصال في مشهد جحظت فيه عيناه ليهدئ حسين رياض من روعها قائلا‏:‏ إوعي تخافي منه‏,‏ لأنه شخصيا لو شاف فرخة بتندبح حيغمي عليه‏.‏ ولم يكن في القول تشنيعة أو مبالغة علي شرير الشاشة الضعيف أمام لون الدماء‏,‏ ففي المرة التي كان فيها في نقابة الممثلين عندما كان مبناها مكان سينما القاهرة وكانت لها حديقة أمامية يجلس فيها الفنانون في ليالي الصيف وحديقة خلفية يدلفون منها للمطبخ والمرافق‏,‏ طلب المليجي دجاجة للعشاء وقام من بين أفراد الشلة للحديقة الخلفية فإذا بالجرسون يهرول بعدها صائحا للشلة إلحقوا الأستاذ المليجي مات‏,‏ فهرعوا ليجدوه ممددا فاقد الوعي وأمامه تقفز دجاجة مقطوعة الرقبة ودمها يسيل‏,‏ ولما أفاق شرح بانفعال أنه رأي الطباخ المجرم وهو يذبح الفرخة‏,‏ ورغم حبه للملوخية بالأرانب فقد كان يغادر البيت حتي لا يكون في نطاق أرض المذبحة‏.‏صاحب العيون بليغة الأداء تتجسد علي سطحها صورة الشر‏,‏ وعلي الجانب الآخر تعكس الانكسار ومهانة الضربة القاضية‏..‏ وتلك النظرة المنكسرة قال عنها الكاتب والمخرج رأفت الميهي‏:‏ إن نظرة عيني محمود المليجي في نهاية فيلم‏(‏ غروب وشروق‏)‏ مع سعاد حسني حولت مجري أحداث الفيلم لتجعله من فيلم مؤيد للثورة إلي فيلم ضد الثورة ورجالها‏,‏ فلقد حدث أن الكاميرا في مشهد النهاية ركزت علي نظرة المليجي الذي كان يلعب دور رئيس البوليس السياسي في لحظة انكساره وهو يودع ابنته سعاد في طريقه إلي السجن‏,‏ ومن شدة الاندماج وبلاغة تصويره للحظة الانكسار تلك شعرنا نحن في العرض الخاص بأننا تعاطفنا مع شخصية رئيس البوليس السياسي الظالم‏,‏ واضطررنا إلي حذف هذه اللقطة حتي لا تحدث أزمة ويصبح الفيلم ضد الثورة‏ واكتفينا بلفتة منه تجاه الابنة ثم المغادرة منكسا دون أن يرفع عينيه إلي الكاميرا بنظرة الأسد الجريح‏..‏ عيون سريعة الدمع لم تلجأ في عمر تمثيل صاحبها إلي الجلسرين‏,‏ فالبكاء عند المليجي لم يكن أبدا صناعة وأدوات فقد كان يعتبر أن الماكياج يخفي صدق التعبير ويصبح قناعا غشيما فوق قسمات ذكية‏..‏ البكاء كان في مفهومه انفعال جياش يتولد بالاندماج داخل الدور‏,‏ وكان أبلغ دليل في مسلسل نادية عندما بكي المليجي وأبكي جميع عمال الاستوديو في مشهد يري فيه ابنته وقد احترق وجهها الجميل‏,‏ وظل لا يستطيع الخروج من دوامة بكاء تقمصته لمدة ساعة كاملة تعطل فيها العمل تماما حتي هدأ‏.‏قال وقال وقال الكثير علي الخشبة وفي الشاشة وبلسان الحقيقة‏:‏ أنا قلت كل كلام التمثيل‏..‏ الأدوار التي أصبحت تطلب مني تشبه الطعام البايت لا أشعر بقابلية لتناوله‏..‏ أنا تماما مثل السيجارة التي شربها المدخنون نفسا بعد الآخر وعندما أصبحت عقبا ألقوا علي الأرض وداسوها بالأقدام‏..‏ في أوروبا عصر النهضة والعصر الفيكتوري وفي مصر الآن يسود عصر الكوميديا والموجودين حاليا كوميديانات منهم‏10%‏ ممثلين‏..‏ مذكراتي لا أريد نشرها إلا بعد عمر طويل حتي لا أحرج من أحد وعندما انتهي منها تنتهي حياتي‏..‏ التليفزيون أصبح المكان الوحيد الذي أعمل فيه لمجرد دفع إيجار الشقة في بداية كل شهر‏..‏ عايزين الناس تموت من الضحك‏..‏ طيب ليه‏..‏ مش عارف؟‏!...‏ يوسف وهبي كان يكن لي تقديرا لا يوصف وكان يعتبرني الامتداد الطبيعي له وكان يشركني في معظم أفلامه مثل فيلم برلنتي‏,‏ حيث لعبت دور الصحفي الذي يبحث عن الفضائح ويشوه سمعة الناس بنشر أسرار خافية من حياتهم الشخصية‏ كذلك أشركني في غرام وانتقام مع اسمهان‏,‏ حيث لعبت دور ابن عم زوجها القتيل أنور وجدي الذي تمكن من كشف القاتل الذي لم يكن سوي يوسف ذاته‏..‏ ربطت بيني وبين فريد شوقي علاقة طيبة هو وحش الشاشة وأنا شرير الشاشة وظهرنا في عدة أفلام فلم يطغي أحدنا علي الآخر‏..‏ لن أنسي سيدنا في كتاب باشتك في شارع الجماميز الذي نشأت فيه‏,‏ كانت لديه عصا طويلة جدا إذا مدها لمس أبعد تلميذ في الفصل وبذلك كان يتمكن من عقابنا جميعا دون أن يتحرك من فوق مقعده‏,‏ وكذلك هناك البعض الذين يجرحون الجميع بلسانهم الطويل جدا‏...‏ الخروج علي النص ليس سوي ابتذال وتهريج واستهتار بالجمهور والقيم المسرحية‏,‏ في فرقة فاطمة رشدي تقدمنا لنيل جائزة المسرح وكانت مضمونة لنا مائة في المائة‏,‏ ومضي كل شيء علي ما يرام إلي أن قال أحد الممثلين لبشارة واكيم‏:‏ الهكسوس علي الأبواب يا مولاي فأجابه وهو في شدة اندماجه في التمثيل‏:‏ علي الأبواب؟‏!‏ يا أم هاشم‏..‏ وبسبب هذه الكلمة فقدنا الجائزة‏..‏ نظام الأجور في مصر جدعنة اللي يفاصل يأخذ أكثر‏..‏ عن دوري في فيلم الأرض أخذت‏1500‏ جنيه تمام زي نجوي إبراهيم‏.‏أنا أصلع من سن الشباب والمعروف أن الصلع من الوراثة أو من الدفتريا لكن ولا واحد في عيلتي أصلع ولا أنا أصبت بالدفتريا لكن الحكاية اني سهرت وأنا طالب مع أصحابي ليلة للصبح وفي الشارع اشترينا جمبري وقمنا به كله‏,‏ ورجعت البيت أعض في المرتبة من وجع البطن لغاية ما كسرت أسناني وكنت باضرب راسي في الحيط وما حدش كان هناك يسعفني لأني كنت عايش واحداني وشفت شعري بعيني وهو بيقع علي المخدة من التسمم الشديد‏,‏ لأن الجمبري كان فاسد ومات منا تلاتة‏,‏ وفي المستشفي قالولي إن الليمون البنزهير هو اللي أنقذني‏,‏ ومن يومها وأنا أصلع وعلشان كده أخجل موت من نزول البحر لأن سيقاني زي راسي مافيهاش ولا شعرة‏..‏ قمت ببطولة تمثيلية تليفزيونية اسمها نحن لا نشرب القهوة وكان دور غير عادي قعدت أمثل فيه وحدي لمدة‏80‏ دقيقة‏,‏ وأدركت المخرجة أني قمت بجهد غير طبيعي فطلبت لي في مذكرة خاصة أجرا استثنائيا فجاء الرد موقعا عليه بالآتي لم يجر العرف علي أن يتقاضي الفنان أجرا لمثل هذا السبب‏..‏ يغضبني من السينما ضعف إمكانات الاستوديوهات وكثرة الإنتاج الرخيص‏‏ وفي المسرح التعليقات السخيفة ومسابقة قزقزة اللب‏,‏ وكل الدنيا المسرح فيها تطور بالتكنولوجيا إلا في مصر‏,‏ وسمعت من المعاصرين للشيخ سلامة حجازي انه كانت عنده آلات ترش الثلج علي المسرح وانه بني كوبري فوق مسرح الأوبرا ليمثل أوبريت‏(‏ الولدان الشريدان‏)‏ كل ده في أوائل القرن العشرين‏..‏ وفي الإذاعة يغضبني نظام الدورة وعدم احترام مواعيد التسجيل والبروفات‏,‏ ومن التليفزيون عدم التقدير والمعاملة اللاإنسانية‏,‏ ومن الزملاء الفنانين نظرتهم السطحية للعمل‏,‏ ومن فريد شوقي تصديقه لكل ما يقال عنه‏,‏ ومن رشدي أباظة بسبب تهوره واندفاعه‏,‏ ومن صلاح أبوسيف تخصصه في نوع واحد من الأفلام‏,‏ ومن فاتن حمامة ما يقال من أنها لا تحب العمل معي‏,‏ ومن عماد حمدي رغيه الكتير‏,‏ ومن عادل إمام اهتمامه برفع أجره ونشر ذلك في الصحف‏,‏ ومن أمين الهنيدي التمسك بالفردية المطلقة علي المسرح‏,‏ ومن توفيق الدقن أشياء كان يفعلها وتوقف الآن عنها‏,‏ ومن شكري سرحان أنه لما بيلعب الزمالك بيفقد أعصابه‏,‏ وغاضب من نفسي لإني مش عامل حساب لبكرة‏...‏ في أول عمل بالسينما كنت أمتلك عربية قديمة وكان الزميل والصديق أنور وجدي عنده عربية أقدم منها وكنا قد أمنا علي العربيتين في شركة جينفواز للتأمين‏ ودخلت في أزمة مالية احتجت فيها لفلوس‏,‏ وفي نفس الوقت كان أنور بيمر بأزمة مماثلة‏,‏ وبمجرد ما شكيت له حالي قال لي الحال من بعضه‏,‏ طيب نجيب منين يا محمود؟‏!‏ نجيب منين يا أنور؟‏!‏ وطقت الفكرة في مخنا في وقت واحد‏,‏ ركب كل واحد عربيته ورحنا شارع الهرم ودبرنا حادث تصادم دخلت فيه العربيتين في بعض‏,‏ وبعد التصادم المزيف كسر كل واحد قزاز عربيته وخلع أنور فردة كاوتش ورماها بعيد في عرض الشارع وجه البوليس وكتب المحضر ورحت مع أنور لشركة التأمين وقبض كل واحد منا المبلغ‏..‏ أنا علي الشاشة زي ما بيقول علم الاجتماع مجرم بالسليقة‏,‏ لكن فريد شوقي مجرم بالملامسة فشكله طيب لكن ظروف المجتمع هي اللي رمته علي الجريمة‏,‏ أما إجرام رشدي أباظة فهو من نوع إجرام الشباب الطايش الذواتي‏,‏ أما توفيق الدقن فهو المجرم الجعجاع أبو قلب طيب اللي يهدد ويثور وينزل علي فاشوش‏..‏ وأنا في المغربلين أفلست وحجز صاحب البيت علي عفشي وتم الحجر وبدأ البيع بالمزاد العلني وكان المطلوب‏18‏ جنيه وفضل الرجل يدق الجرس علي باب البيت والخلق تسأل عن الساكن المفضوح وعرفوا أنه عفشي فاستنكروا مني عدم لجوئي لهم وكان أكترهم غضب عم عبده بدره بياع الطعمية والحاج عز الجزار ومتولي بتاع اللبن‏,‏ وأصروا علي دفع المبلغ وبعد ما لميت عفشي ورحلت ما حدش من أهالي الحي سكن مطرحي عقاب لصاحب البيت علي قلة مروءته‏..‏ أمي عاشت حياتها مريضة قلب لغاية ما ودعت الدنيا وكنت جنبها علطول إلا يوم وفاتها كنت علي المسرح ومات أبويا يوم ما ماتت أمي لأنه كان بيعشقها‏,‏ صحيح أنه عاش بعدها سنتين‏,‏ لكنه كان اتعمي من البكاء واختل ومات مجنون‏..‏ عملت منتج بعدما كونت شركة سنة‏1947‏ وقدمت مجموعة من الأفلام منها الملاك الأبيض والأرملة القاتلة ونحن بشر وسوق السلاح وغيرها لأن فيها أدوار لا أستطيع إقناع المنتجين بها‏,‏ أنتجتها لأعطي الدور كل أبعاده اللي بتنبع من كياني وعلشان أكون حر في الحركة والتعبير‏,‏ ونجحت أغلب الأفلام لكني أفلست وقعدت أشتغل ليل نهار أسدد ديوني بعد فيلم آلو أنا القطة ومدينة الصمت وطالبتني مؤسسة السينما بتسديد‏6‏ آلاف جنيه ديون وعجزت‏,‏ ومن جهة ثانية حكمت علي الضرائب بمبلغ‏22‏ ألف‏,‏ شمرت وبعت كل ما أملك وشحت من الزملاء أسدد علشان الهروب من السجن‏.‏وتظل حاضرة شهادة أدلي بها ابن أخيه ايهاب المليجي الممثل ومخرج الإعلانات‏:‏ كان عمي محمود يعتبر علوية زي والدته‏,‏ وكانت أكبر منه وشخصيتها أقوي منه بكتير‏,‏ ينصاع لجميع أوامرها وطلباتها خاصة بعد اكتشافه كما أخبره الأطباء بعد فترة من الزواج بأنه لا يستطيع الإنجاب‏.‏ كانت علاقته بإخواته طيبة خاصة مع والدي حسن المليجي مدير مصلحة الضرائب‏,‏ وكان يزورنا شايل الهدايا‏,‏ وبعد وفاة والدي سنة‏70‏ تبناني لأرافقه حتي وفاته‏,‏ وفضلت علاقته جيدة بأبناء عمه حسين وأنور وسعد وفاطمة أخته في الرضاعة‏,‏ وكان كل دخله يحطه عند علوية وهي تشيل الفلوس في البيت‏,‏ ولما توفي كان عليه قسط العربية الداتسون البيضاء‏,‏ وكان له شركة إنتاج في شارع شريف اسمها الفضي قدام شركة فريد شوقي‏,‏ وكان يشرف علي الشركة محسن إسماعيل رضوان‏,‏ وكانت علوية ترفض زيارة أي واحد له في البيت فكان يقابل أصحابه في القهوة أو علي الكازينو‏,‏ وأهم أصحابه المخرج كمال الشيخ وسعد الشيخ والمخرج المسرحي أحمد زكي والممثل عبدالله الحفني‏,‏ وكان يواظب علي صلاة الجمعة في مسجد باب اللوق مع الممثل عبدالمنعم إبراهيم‏..‏ كان عمي بيدخن سجائر مارلبورو بشراهة ويوصل معدله لأربع علب في اليوم ويحب البطاطا ويعمل منها صواني هي والمكرونة الباشاميل‏,‏ وكان له أودة منعزلة في شقته‏71‏ شارع البرازيل بالزمالك يسميها أودة المزاج لا يجرؤ أحد علي دخولها يقرأ فيها السيناريوهات ويكتب مذكراته وأفكاره ورؤيته لمجلس الشوري‏,‏ وفي مرة طلع يجيب الأسانسير من فوق انحشر ما بين الباب والحيطة وتعرض لموت محقق‏,‏ وكنت تحب تسمع منه ضحكته المجلجلة المميزة والكل كان يحبه وخصوصا إيزيس بنت علوية جميل اللي رباها وجوزها وخلفت يسري واتعلق به وكان طول الوقت رايح جاي معاه‏,‏ ومن هوايات عمي محمود الصيد في الفيوم يروح كل شهر بالبندقية يصطاد هناك‏.‏ويظل نابيلون إمبراطور المعارك والملك المتوج للقول البليغ فهو الذي قالها فتش عن المرأة‏....‏ فتشت أنا عنها في حياة نجمنا وهتفت وكأني أرشميدس‏:‏ وجدتها‏!!‏ وجدتها‏!!‏ الياصابات خليل مجدلاني من أصل لبناني بقي اسمها الفني علوية جميل‏.‏ امرأة قادرة وقوية وزميلة فرقة رمسيس وأكبر من ابن المليجي بكتير حطته في دماغها من بعد ما كانت قد أنجبت من زوجها الأولاني بنتين‏.‏ مدت له شباك الحب كعبلت محمود وكان فصل الختام في رحلة للفرقة لتقديم عروضها في دمياط لما أتاه خبر وفاة أمه وقعد يبكي فراقها ويبكي الفلس‏.‏ دوغري علوية الذكية قامت بحركة شهامة ما يقوم بها أعتي الرجال‏,‏ أعطته في السر عشرين جنيها مصاريف الجنازة والسفر‏,‏ فضحي ببطولة فيلم العزيمة وأعطاها في المقابل حريته وروحه وزواج أبدي استمر‏45‏ سنة يا ولداه‏ وكان لابد فيها من أنه يلعب بذيله‏,‏ لكن علي مين؟‏!!‏ علوية القوية مصحصحة من موقعها العلوي طيرت من أحضانه بالأمر السلطاني كل من سولت لها نفسها الاقتراب من نجمها الشرير‏,‏ بداية من لولا صدقي في عام‏53‏ ملكة الإغراء في السينما المصرية ذات القوام الرشيق واللثغة المحببة‏,‏ فاختنق الحب أمام عدم القدرة علي الزواج علانية أو سرا تحت نفوذ الرقابة المستمرة‏..‏ وتعلق قلب شريرنا الدون جوان بزميلته درية أحمد والدة سهير رمزي في أواخر الخمسينيات فقام باقتراف الخطأ الجلل وهو لا يزن ضعف مقاومته كدونكشوت‏..‏ تزوجها في السر‏..‏ ووصل الخبر لعلوية القوية لتجبره علي طلاقها علي الفور‏,‏ وقام إسماعيل ياسين صاحب الفرقة بفصل درية لإرضاء علوية‏..‏ و‏..‏ يقع محمود في غرام سميحة توفيق نجمة صف الإغراء من بعد ميمي شكيب‏..‏ تزوجها في السر‏..‏ بلغ الخبر علوية القوية طلقتها منه‏,‏ ولأن من خصال محمود قلبه الضعيف أمام فتنة بطلات فرقته عقد قرانه أمام شاكر عبدالباقي المأذون الشرعي في إمبابة علي فوزية الأنصاري خريجة الحقوق وزميلة نبيلة عبيد في فرقة إسماعيل ياسين‏,‏ ودفع لها مهر ألف جنيه‏300‏ مقدم و‏700‏مؤخر‏,‏ وبلغ الخبر أسماع علوية القوية فحددت إقامة البعل العزيز جنبها في البيت ورفعت سماعة تليفون الصالون تعلن فرمانها لأبوالسعود الإبياري مدير الفرقة بأن محمود لن يغادر مطرحه بجوارها‏,‏ وأبدا لن يخطي عتبة المسرح إلا من بعد تسريح فوزية‏,‏ وبالفعل قام عبدالله فرغلي بأداء دور المليجي لليلة واحدة كانت كافية للطلاق والطرد وإزالة جميع الآثار‏...‏ ولأن الزمار يموت وصباعه بيلعب لعب محمود وعرف يلعب ويداري سره في بير عندما مكث سنوات في الخفاء متزوجا من نجمة الكوميديا الراحلة سناء يونس التي لامست فيما بينهما شرارة الحب فاندفع متأججا في مسرح البالون مع زيارات سناء المعجبة بأدائه الفذ في مسرحية زبائن جهنم‏..‏ وعرفت علوية القوية فخرجت سناء من اللعبة بعدما رمت عليها الولية يمين طلاق بالتلاتة وكسرت من وراها القلة‏,‏ ومات محمود وقعدت علوية من بعده في البيت دستة سنين بقدر السنين التي كانت تكبره بها‏!!‏محمود المليجي عضو مجلس الشوري صديق عبدالناصر والسادات زميل مصطفي وعلي أمين وفتحي رضوان ويوسف حلمي وكامل الشناوي وعبدالحميد يونس وعبدالرزاق صدقي في الإبراهيمية الثانوية‏,‏ من جلس علي تختة واحدة مع أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة ليدفعهما حب التمثيل لعزيزة أمير للظهور في فيلمها الأول الصامت ليلي ويشتركا معا في أدوار الكومبارس بفرقة رمسيس‏.‏ محمود المليجي حكاية مصرية لكفاح فنان لم يصل إلي مكانته بكارت توصية أو بقرار وزير وإنما من البدروم وأول السلم‏.‏ من تحت الصفر‏.‏ من دور كومبارس لا ينطق بكلمة‏.‏ من عشرة قروش إلي‏750‏ فيلما و‏74‏مسرحية‏..‏ وصل من تواضعه رغم عظمته‏.‏ من بساطته رغم مجده‏..‏ محمود المليجي أحد نجوم فرقة الإخوان المسلمين المسرحية التي قدمت أول عروضها جميل بثينة من تأليف عبدالرحمن البنا شقيق حسن البنا من إخراج لجنة تشجيع التمثيل في وزارة المعارف عام‏1934‏ واشترك فيها مع المليجي كل من جورج أبيض وأحمد علام وعباس فارس وحسن البارودي وفتوح نشاطي‏ومن الممثلات فاطمة رشدي وعزيزة أمير‏,‏ واستمر مسرح الإخوان حتي أوائل الأربعينيات بنجومه‏:‏ محمود المليجي وعبدالمنعم مدبولي وإبراهيم الشامي وسراج منير ومحمد السبع وشفيق نورالدين وإبراهيم سعفان وسعد أردش وحمدي غيث وعبدالله غيث‏..‏ محمود المليجي المطرود من الغناء علي يد محمد عبدالوهاب‏:‏ صوتك يا أثتاذ نشاز مينفعشي ولا حتي في الكلام اتفضل اطلع بره‏..‏ محمود المليجي المطرود من الموسيقي علي يد بديعة مصابني‏,‏ لأنه قطع في عزفه أوتار الكمان‏..‏ محمود المليجي المطرود من البيت لغضب والده عليه‏..‏ محمود المليجي ابن‏22‏ يوليو‏1910‏ تلميذ عزيزة الفحلة فتوة المغربلين حاملة الشومة صاحبة اللسان الطويل وسرعة الخاطر والحذاء الرجالي التي تنطح برأسها وتصيب بركبتها وتصرع بكفها ليشجعها زوجها معلم القهوة وهو يسمع صفعاتها لأحدهم أو طرقعة روسيتها لثان فيعالج الفحم فوق التبغ علي عمامة الشيشة هاتفا‏:‏ عفارم اديله يا عزوز‏..‏محمود المليجي بئر الحرمان والاختيار وإضراب الشحاتين‏..‏ محمود المليجي عودة الابن الضال‏.‏ محمود المليجي غروب وشروق‏.‏ محمود المليجي الأرض‏.‏ محمود المليجي الناصر صلاح الدين وسلامة ووداد‏.‏ محمود المليجي الله معنا‏..‏ محمود المليجي شريب القهوة‏.‏ محمود المليجي أمنيته أن يموت أمام الكاميرا‏..‏ مات وفي يده فنجان القهوة في انتظار دوران الكاميرا ليحتضنه عمر الشريف‏..‏ أيوب‏...‏ محمود حسين المليجي حامل أختام علوية قالت كده‏!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق