الثلاثاء، 18 أغسطس 2009

يا يحيي‏..‏خـذ الكـتاب بقـوة..سناء البيسي..الأهرام..22/11/2008

يا لرفعة تلك المنزلة التي لا يدانيها مقام. أن يكون المرء دونا عن كل البشر من يسميه الله باسمه. يحيي. ليحيا.. من تمنحه الذات الإلهية اسما لم يحمله أحد من قبل.. يحيي ليحيا. من يسلم عليه الخالق يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.. من يحيي حياة لوالديه وبرا بوالديه وأعظم البر بالوالدين أن تشعرهما بالحياة.. من يعرف اسمه وصفاته من قبل مولده: سيدا كريما مؤمنا مصدقا بكلمة تأتيه من الله, ونبيا في موكب الصالحين.. من مات شهيدا, والشهداء عند ربهم يرزقون, فعندما نحر يحيي عاش ليحيا.. من أتي به الخالق معجزة للخلق من شيخ تجاوز المائة وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا.. ابن لشيخ تفككت عظامه, وأم شاخت عبر قرن من الزمان عاشته عاقرا.. شيخان فانيان منهما يأتي الطفل المعجزة.. يحيي. ليحيا.. الخصوبة به تعود لوهن زكريا فيكون اهتزازها غضا نديا, وينسكب بفورته إكسير الشباب في عروق الياصابات وقيل ــ إيشاع ــ فيعتدل الظهر المحني ويشرئب القد المقدد, وتتمشي الحياة رحبة تفرد طيات الرحم المغضن وأصلحنا له زوجه..بدلنا الأفول بالقبول, وشفا النهاية لنهج البداية, والكمون للبعث, وغدت الأم العجوز الصبية تأهبا للإنجاب.. حياة من بعد موات كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا.. الناس تحيا مرة ثم تموت. تحيا شبابا وتفني شيخوخة إلا.. إلا زكريا وزوجه. أحياهما الله في الدنيا مرتين. الأولي بلغا فيها من السن عتيا, والثانية عندما أحياهما بيحيي.. ولأن الاسم يحيي, فالفعل يحيا, والفعل هنا بصيغة المضارع يفيد الاستمرار. أي استمراره حيا.. وقد قتل يحيي ليحيا, لينفرد باسمه يحيي, وينفرد بصفة الحنان التي كان لها وبها, حيث لم ترد الكلمة حنانا سوي مرة واحدة بكتاب الله المجيد ليكون الأوحد الذي نسب إليها. إلي حنان من وراء العقل, لأنه حنانا من لدنا.. رأسا من الخالق للمخلوق. مشاعر وأخلاق غير مكتسبة ولا مملاة بل صفة تحكم يحيي في جميع تصرفاته, لقد تجلي الله باسمه الحنان علي عبده يحيي ليمتلئ بحنان يفيض به علي كل من آمن به, وكل من رآه, وكل من استمع إليه, كما كانت الرحمة صفة لرسول الله صلي الله عليه وسلم في كلماته وأفعاله وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين..يحيي ليحيا من جاء بصفة الحياة وهي اسمه.. يحيي حيا ساعيا, الصوت الصارخ في البرية, وشهيدا بتر الرأس منه ليروي عنه ابن عساكر عن زيد بن واقد قوله: رأيت رأس يحيي بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبلة الذي يلي المحراب مما يلي الشرق, تحت العمود المعروف بعمود السكاسكة, فكانت البشرة والشعر علي حاله لم يتغير كأنما قتل الساعة, وعن سعيد بن المسيب قوله: قدم بختنصر دمشق فإذا بدم يحيي بن زكريا يغلي, فسأل عنه فأخبر فقتل علي دمه سبعين ألفا فسكن فورانه...ذبح الابن يحيي في سجن هيرودس وفصل الرأس عن الجسد ليحمل السياف الرأس علي طبق يقدمها في بلاط ملك ظالم مقابل رقصة آثمة, ومن قبل ذبح الأب زكريا في المحراب بين الهيكل والمذبح لتهدر حرمة البيت المقدس, قتل في المحراب الذي طالما عطره بأنفاسه الشريفة وتراتيله المقدسة.. قتل زكريا في المحراب الذي نادته فيه الملائكة.. قتل زكريا الشيخ الذي تجاوز المائة.. وهكذا يفعل المجرمون حين يحكمون ويتسلطون..وذنبه أنه لم يرشد إلي مكان طفله الرضيع يحيي كي يذبح ضمن آلاف الأطفال دون العامين بعدما توهم هيرودس خطرا علي ملكه من ميلاد طفل سينازعه ملكه كما قالت له نبوءة الهندوس.. ويأتي المسيح قائلا: أنتم تشهدون علي أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء. يأتي عليكم كل دم زكي سفك علي الأرض من دم هابيل الصديق إلي دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح.. يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين..من زمان ونبي الحنان يحيي له في نفسي منزلة خاصة.. من زمان وحاجة ملحة بداخلي تقول لي وماله لما تسألي وتستفسري لتوصلي. وأبدا لن تنهد الدنيا إذا ما صرخت في البرية يا عالم أضيفوا لي عن يحيي وما قيل في يحيي لتكتمل عندي صورة يحيي لأضع جميع النقاط علي الحروف بشأن يحيي الذي اقتات علي الجراد وأوراق الشجر, وكان يدخل المغارة في الجبل فيلقي وحشا ينظر إليه فيعرف أنه نبي الله يحيي فيغادر المكان برفق دون أن يحس به يحيي..لكنني دائما وأبدا كنت أكابد الإحجام عن الإقدام كي لا أسمع عن يحيي من كافة السادة الأفاضل عندما آتي علي ذكره عرضا إلا تعليقا مقتضبا منهم يظنون أنهم يفحمونني به, ما هو إلا جملة واحدة من سورة مريم فقط لا غير يا يحيي خذ الكتاب بقوة وأنتظر وأنتظر لما بعد القوة حتي يشفي غليلي وأنتظر دون جدوي حتي تهن قواي.. من زمان ونفسي أتعرف علي أصول وجذور تلك الرابطة ما بين النبي يحيي عندنا كمسلمين, ويوحنا المعمدان عند إخواننا المسيحيين.. من زمان لم أدرك دافعا لدخول زكريا علي السيدة مريم المحراب.. من زمان ونفسي أعرف من هم الأنبياء ومن هم المرسلون الذين يجب أن نصلي عليهم يوميا في الخمس صلوات إلي يوم الدين.. من زمان ولدي إحساس مقيم بأن النبي يحيي لم ينل كغيره من الأنبياء والرسل حقه من الدراسات والبحوث.. وقعدت لها.. وعرفت الكثير..عدد الأنبياء كما جاء علي لسان خاتم المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم في قوله لأبا ذر الغفاري أن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون, وعدد المرسلين ثلثمائة وخمسة عشر, أما الفارق ما بين النبي والرسول فالأول قد بعثه الله هاديا وداعيا إلي الله وبشيرا ونذيرا, والرسول من أرسله بما أوحي إليه به من كتاب ليدعو الناس به إليه ويعلمهم ما أراد سبحانه أن يبلغهم به, وقد أمرنا الله وكرر في قرآنه ألا نفرق بين أنبيائه ورسله والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما.. ولأنه الرؤوف الرحيم العليم بذاكرة البشر وما يتسرب من مسامها في الكبر, حيث لا يمكنها استيعاب العدد الهائل من الأنبياء والرسل حتي في الصغر, وحتي الكتب السماوية ذاتها لا تتسع لمجرد الإشارة إليهم كلهم, فقد أورد القرآن أسماء بعضهم فقط دون غيرهم لحكمة عنده إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلي نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسي وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا. رسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسي تكليما,ولقد علمنا الرسول صلي الله عليه وسلم في صيغة التشهد التي نتلوها تسع مرات علي الأقل يوميا في الصلاة أن نصلي عليهم جميعا بقولنا اللهم صلي علي سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد كما صليت علي سيدنا إبراهيم وعلي آل سيدنا إبراهيم, والأنبياء والرسل جميعهم قد جاءوا من بعد سيدنا إبراهيم وهم آل سيدنا إبراهيم فكأنهم جميعا عليهم من الله الصلاة والسلام, كما أننا ونحن نطلب الصلاة والسلام علي آل سيدنا محمد أفلا نكون نطلبها لأنبياء الله ورسله, والله سبحانه يقرر أنه يصلي هو وملائكته علينا جميعا بالنص الشريف في سورة الأحزاب هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما.. وإذا ما كان من السابقين من امتلأت بذكره الصفحات فهناك من لم ينل حقه من التريث أمام بابه رغم منزلته المتفردة بأن يكون نبي الحنان. يحيي. الملاذ والملجأ والمنهل والمسعي من جدب الجفاف.. سيدنا يحيي الذي سيده ربه مصدقا بكلمة منه فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيي مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين.. ويطالبنا المغالون بأن نكتفي بذكر اسم رسولنا الكريم في صلاتنا كمسلمين دون أن نسيده.. كيف؟!!!.. كيف وهو سيد المرسلين وسيد الخلق وسيد ولد آدم؟!و.. تأكدت من أن النبي يحيي كما جاء في القرآن الكريم هو يوحنا المعمدان كما أوردته النسخ المتداولة من الأناجيل.. كلاهما شخص واحد.. يوحنا المعمدان النبي يحيي عليه الصلاة والسلام.. إذ يقرر القرآن الكريم في النص الشريف من سورة الأنبياء وزكريا إذ نادي ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين. فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وتقرر الأناجيل هذه الحقيقة كما جاء في الإصحاح الأول من إنجيل لوقا في اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمه وقالت لا بل يسمي يوحنا هذا وقد ذكرت بعض الأناجيل اسم يوحنا فقط مثل إنجيل مرقس في الإصحاح الأول حيث يقول كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا ومثل إنجيل يوحنا في الإصحاح الأول وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت.. ويتأمل العالم الجليل عبدالرزاق نوفل لفظة المعمدان فيجدها اسم الفاعل من الفعل عمد بمعني اغتسل. إذ كان الرسول النبي يحيي يغسل أتباعه بالماء, ويطلق علي أتباعه اسم المعمدين أو المغتسلين. ومن هنا يقال يوحنا المغتسل أو يوحنا المعمد,وزيادة الألف والنون تلاحظ دائما في الصيغة السريانية المعروفة والمتداولة حتي الآن حيث تضاف الألف والنون لنهاية الاسم, كما نجد في هاجوبيان بدلا من هاجوب, وعندما يكتب يعقوب في السريانية نجده يعقوبيان, أما لفظ يوحنا فلو رجعنا إلي تركيب حروفه كما جاءت في اللغات الأجنبية نجدها كلها تذكره علي أنه يوحانJeanBaptisteJohannesdesJaifers ومعني هذه الصفات الواردة مع الاسم هي المغتسل أو المعمد, مما يقطع أنها لاسمه وصفته, لاسيما وأنها بهذا التركيب اللغوي مطبوعة علي صور توزع في أنحاء العالم لرأس الرسول النبي بعد قتله, وأنها تتداول بهذه الصفة وهذه الأسماء من مئات السنين, فالاسم إذا طبق لما جاءت به المصادر الأجنبية هو يوحان واختلف وضع الألف والنون وتبادلا لتصبح يوحنا بدلا من يوحان, وكما اتضح أن الألف والنون بلاشك زائدتان كما في لفظ المعمدان فيكون صحة الاسم يو حي بما يشي بيحيي ولاشك بأن تسمية الإنسان بالحياة لم تكن متداولة ولا معروفة وذلك ما يقرره إنجيل لوقا: فأجابت أمه وقالت لا بل يسمي يوحنا. فقالوا لها ليس أحد في عشيرتك تسمي بهذا الاسم, وفي النص الكريم: يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيي لم نجعل له من قبل سميا..سورة مريم تأخذني. تأسرني. تنصتني. تشجيني. تطربني. تزكيني. ترهبني سمعا وبصرا وحبا وشغفا.. أتلوها فيلمسني نورها بما لها من جو خاص يظللها ويشيع فيها.. سورة يغلبها الحنان والرحمة والرضا والاتصال والدعاء والاستجابة. سورة ينادي فيها المخلوق خالقه بلا واسطة حتي ولا بحرف جر النداء رب, وإن ربه لسمع زكريا ويراه من غير دعاء ولا نداء, والمبتلي راحته البوح والشكوي وقال ربكم ادعوني أستجب لكم.. سورة لها إيقاع موسيقي خاص, وجرس ألفاظها وفواصلها فيه رخاء ونماء وعمق. رضيا. سريا. حفيا. نجيا. ولم أكن بدعائك رب شقيا.فهب لي من لدنك وليا.. لم نجعل له من قبل سميا.. بلغت من الكبر عتيا.. ولم تك شيئا. آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا.. سبحوا بكرة وعشيا.. وكان تقيا.. ولم يكن جبارا عصيا.. ويوم يبعث حيا.. وكان أمرا مقضيا.. قد جعل ربك تحتك سريا.. تساقط عليك رطبا جنيا.. فلن أكلم اليوم إنسيا.. شيئا فريا.. مادمت حيا.. سورة يسدل فيها الستار علي المشهد لتفتح صفحة جديدة تتجاوز التفاصيل علي طريقة القرآن في عرضه الفني للقصص ليبرز أهم الحلقات والمشاهد وأشدها حيوية وحركة, فبعدما يترك السياق القرآني زكريا صائما عن الكلام مسبحا للرحمن يأتي القول يا يحيي خذ الكتاب بقوة.. في تلك القفزة وذلك الاختزال قد ولد يحيي ونضج وغدا صبيا, وكل هذا في ذلك العبور القرآني الفذ الذي تركه السياق المقصود بعدم التوقف عند البديهيات للوصول إلي جوهر الأحداث فيما بين المشهدين.سورة بدايتها كاف.. ها.. يا.. عين.. صاد.. فاتحة سورة مريم.. وكأنما صفوف من الملائكة المكرمين قد جاءوا من عليين في مواكب تتري قادمين من حول العرش العظيم يرنمونها أبدع ترنيم.. حروف يتألف منها القرآن في نسق جديد لا يستطيعه بشر, مع أنهم يملكون الحروف ويعرفون الكلمات لكنهم يعجزون أن يصوغوا منها مثل ما تصوغه القدرة المبدعة لهذا القرآن المعجز أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها.. سورة فيها قصة زكريا ويحيي وعيسي ومريم وإبراهيم وإسماعيل, وإشارات إلي قصص النبيين ومن اهتدي بهم ومن خالفهم من الغواة, ومصير كل من الجانبين.. سورة تعرض قضية البعث ويوم القيامة واستنكار الكون كله لدعوي الشرك.. سورة نهايتها النهاية.. الصمت العميق في واد لا يكاد يحده البصر يسبح الخيال فيه مع ذكري حياة كانت تنبض وتمرح, وأمان ومشاعر كانت تحيا وتتطلع, وعروش وشيوخ ودول وحروب كانت تدور رحاها فمات الغالب والمغلوب.. ثم إذا الصمت يخيم.. إذا النبض توقف والسريان تجمد.. لا صوت ولا حس ولا حركة.. السكون العميق والصمت الرهيب.. وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا.. ما من أحد إلا الواحد الحي الذي لا يموت..ذكر رحمة ربك عبده زكريا.. وهو في العبرانية زخريا المكون من مقطعين ذكر ويا التي هي اختصار يهوا اسم الله في العبرية, وعلي هذا يكون معني زكريا هو ذكر الله أي الذي يذكر الله, وقد ورد اسم زكريا في القرآن الكريم سبع مرات في سور آل عمران, والأنعام, والأنبياء, وكان زكريا ممن يخدمون في الهيكل في أورشليم معاصرا لعمران, أحد شيوخ بني إسرائيل ووالد مريم أم المسيح عليه السلام التي لم تأت قبلها أنثي لخدمة الهيكل.. وقد خرجت القرعة علي زكريا ليكفلها وهو زوج أختها لكون يحيي وعيسي عليهما السلام ابني خالة كما جاء في حديث المعراج من قوله صلي الله عليه وسلم: فإذا أنا بابني الخالة عيسي ابن مريم ويحيي ابن زكريا.. وروي عن الحكم بن عبدالرحمن عن أبي سعيد قول الرسول صلي الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة يحيي وعيسي عليهما السلام, وتفانت مريم في العبادة تعتكف في المحراب, فكان زكريا إذا دخل عليها المحراب وجد عندها طعاما كثيرا مع أنه لم يكن يراها تخرج لإحضاره فسألها: يا مريم أني لك هذا؟ قالت هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.. ولما لمس زكريا كرم ربه مع مريم أراد أن يناله أيضا مثل هذا الكرم فدعا ربه أن يكون له ولد يرث النبوة التي آلت إليه من ذرية يعقوب عليه السلام واجعله رب رضيا فاستجاب الله دعاء زكريا بن برخيا ابن مسلم بن صدوق بن حشبان بن داوود بن سليمان بن مسلم ابن صديقة بن برخيا بن بلعطة بن ناحور بن شلوم بن بهفاشاط بن اينامن ابن رحيعام بن سليمان بن داوود.. أبو يحيي النبي من كان أكبر من عيسي بستة أشهر, والذي عينت الكنيسة يوم ميلاده في24 يونيو أي عندما يأخذ النهار في النقصان, وعيد ميلاد المسيح في25 ديسمبر أي عندما يأخذ النهار في الزيادة استنادا إلي الفقرة3:30 من إنجيل يوحنا التي تقول ينبغي أن ذلك يزيد وأنا أنقص, وأرجح الأقوال أن الياصابات قد ولدته في قرية عين كارم إحدي ضواحي أورشليم ناحية الجنوب, ولا يعلم شيء عن حداثته, وإنما نراه في سن الرجولة ناسكا وزاهدا يقتات بطعام النساك, ويجوب القري والمدن يدعو إلي التوبة ويعمد التائبين في نهر الأردن, ليس لحكمة خاصة تمس هذا النهر, وإنما مجرد ماء كان يكفي للتطهر والاغتسال.. ولهذا وكما جاء بنص إنجيل يوحنا في الإصحاح الثالث إشارة إلي أنه كان يعمد في جهة أخري لتوافر الماء فيها: وكان يوحنا أيضا يعمد في عين نون بقرب ساليم لأنه كان هناك مياه كثيرة وكانوا يأتون ويعتمدون وهكذا كان يحيي يغسل أجسام المذنبين ليدفعهم إلي التوبة لتغفر لهم خطاياهم كما جاء في إنجيل مرقس في الإصحاح الأول بالنص كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعموديته التوبة لمغفرة الخطايا وهو أمر يماثل الوضوء والصلاة حيث يتوضأ المسلم خمس مرات في اليوم والليلة.. وكان سيدنا يحيي يدعو الجموع التي خرجت ليعمدها إلي كل ما دعا إليه من سبقه من الأنبياء مثل البر بالفقراء, ويسجل إنجيل لوقا في إصحاحه الثالث مثالا لما قاله يحيي للناس: وسأله الجموع قائلين فماذا نفعل؟ فأجاب وقال لهم: من له ثوبان فليعط من ليس له ومن له طعام فليفعل هكذا ويقرر الإسلام أن إعطاء المساكين حق, والحق واجب الأداء وذلك في مثل النص الشريف في سورة الروم: فآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون صدق الله العظيم.. ويسأله الذين يحبون المال ويعملون علي تحصيله استجابة لأمر رؤسائهم فيطلب منهم سيدنا يحيي ألا يستوفوا أكثر من حقهم وذلك بنص ما جاء في إنجيل لوقا في الإصحاح الثالث: وجاء عشارون أيضا ليعتمدوا فقالوا له يا معلم ماذا نفعل؟ فقال لهم: لا تستوفوا أكثر مما فرض عليكم وتنزل سورة المطففين تدعو الناس حتي لا يأخذوا أكثر من حقهم وبدايتها: ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون, ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم. يوم يقوم الناس لرب العالمين... وكان التعميد الذي يقوم به يحيي خاصا بالتوبة لأن مجيء المخلص قد قرب وهو يقوم بتمهيد الطريق لمجيئه.. ويسألونه من أنت؟ فيأتي رده: أنا صوت صارخ في البرية.. ويسألونه: فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح؟.. فيجيبهم: يأتي بعدي الذي صار قدامي.. وقد ولد يحيي قبل المسيح بستة أشهر, أي أن المسيح كان بعده ثم صار قبله في المكانة.. ويعمد يحيي المسيح الذي قدم إليه من الجليل إلي الأردن, ويري الكثير من أهل الكتاب أن المسيح لم يكن في حاجة لهذا التعميد لكنه أوضح أنه يعتمد لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر.. ويقول عيسي عن يحيي: أنبيا؟ نعم أقول لكم. وأفضل من نبي.. وتروي السنة أن يحيي وعيسي التقيا, فقال له عيسي: استغفرلي أنت خير مني. فقال يحيي: استغفر لي أنت خير مني. فقال له عيسي: أنت خير مني سلمت علي نفسي وسلم الله عليك. ويجلس الرسول صلي الله عليه وسلم مع أصحابه يوما يتذاكرون فضل الأنبياء فقال قائل: موسي كليم الله, وقال قائل: عيسي روح الله وكلمته, وقال آخر: إبراهيم خليل الله, فقال الرسول: أين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب وكان يقصد يحيي بن زكريا كما قال ابن وهب.. وعن ابن العاص ما سمعه عن الرسول صلي الله عليه وسلم من قوله: كل ابن آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيي بن زكريا..يحيي.. الأشعث الأغبر المتبتل.. ثوبه شعر وطعامه جراد ومنامه كهف وتجواله البرارييحيي.. يوحنا أتي ليرث تراث الأنبياء يعقوب ويوسف وموسي وهارون وسليمان وداوديحيي. يوحنا.. أعلي درجات الرضايحيي.. يوحنا.. حنانيك..يحيي.. يوحنا.. حياتي هي صلاتييحيي.. يوحنا.. يمشي علي أرض ازدهرت عليها سدوم ذات يوم فبغت فخسف بها الله لتغدو عبرةيحيي.. يوحنا.. ينظر خلفه فيري تلالا من خطايايحيي.. يوحنا.. بشر الله بن زكريا مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيايحيي.. يوحنا.. لم يكن جبارا عتيا ولا عصيايحيي.. يوحنا.. قال له الصبيان هيا بنا نلعب فأجاب ما للعب خلقنايحيي.. يوحنا.. حفر دمع الخشية من الله في كل من خديه أخدودايحيي.. يوحنا.. أخذ الكتاب بقوة وأوتي الحكم صبيايحيي.. يوحنا.. إشارة البدء وأولي الخطي ونزع الغطا عن القوة الحبيسة المنتظرةيحيي.. يوحنا.. من له ثوبان فليعط من ليس لهيحيي.. يوحنا.. قوموا طريق الربيحيي.. يوحنا.. لست المسيح.. أنا أعمدكم بماء, ولكن يأتي من هو أقوي مني, من لست أهلا لأن أحل سيور حذائهيحيي.. يوحنا.. ألقت سالومي بنفسها تحت أقدامه تسأله حبا فأجابه: ليس في قلبي مكان لحب غير حب اللهيحيي. يوحنا..جاءت البشري به مفاجأة لأبوين بلغا من العمر عتيا..وجاءت البشري بعيسي مفاجأة لمن اصطفاها ربها علي نساء العالمين..معجزتان تحدثان في نفس الزمان..فبأي آلاء ربكما تكذبان..يحيي.. يوحنا..قالها محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم الأنبياء إخوة أمهاتهم شتي ودينهم واحد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق