حالة الانبهار التي مازالت تعيشها الكاتبة الكبيرة سناء البيسي تجاه والدتها تصل لدرجة اعترافها بأنها تقلدها في كل شيء.. رغم وفاتها منذ 30 عاما!! وطوفان الحب والعرفان من الابنة لأمها مازال يجري بأسرار سنتعرف عليها من الاستاذة سناء في هذا الحوار.حوار : كريم كمال
تقول الكاتبة الكبيرة سناء البيسي: والدتي هي التي جعلتني منذ طفولتي أقرأ للمنفلوطي وجورجي زيدان ولا أنسي شكلها في أواخر أيامها عندما كانت تضع علي عينيها نظارة قديمة وتجلس ومن حولها الكتب فهي كانت قارئة جيدة جدا برغم أنها من عائلة تحارب تعليم الفتاة فكانت تقرأ الروايات والقصص علي ضوء بطارية تحت لحاف فراشها وكانت تكتب قصصا وتكتب عليها اسم مؤلف وهمي أو عبارة مترجمة عن الفرنسية وكانت تقول لي: امسكي الكتاب ولا تملي منه حتي يظهر لك جماله فكانت أما واعية ولديها حب المعرفة برغم انها ليست حاصلة علي شهادات ولكنها تربت في بيت علمها القراءة والكتابة , وكانت صاحبة الفضل في دخولي للجامعة.. فقد كنت أول فتاة في عائلتنا تدخل الجامعة والغريب أن عمي الذي حصل علي دكتوراة من السوربون كان من أشد المعارضين لذلك!! ولكن أمي ووالدي وقفا بجانبي وكنت احكي لهما أحداث كليوم دراسي بالجامعة فطيلة حياتي لم اشعر بالفارق مابين الرجل والمرأة وكانت أمي تقول لي دائما: إن المرأة ليست مكسورة الجناح ولم تضع لي حدودا ولا سدودا بأن أنمو وسط صحفيين وأن يكون اصدقائي كتابا فمنذ بداية عملي في أخبار اليوم كنت اجلس في غرفة واحدة مع الكاتب العظيم محمد عفيفي وبعدها مع أحمد بهجت وفهمي هويدي وصلاح جاهين وعندما سافرت أمريكا كنت السيدة الوحيدة وسط 6 فنانين رجالا جلست معهم ستة شهور كخبيرة في البنك الدولي اعمل مثلي مثلهم بنفس الكفاءة والمجهود وكل هذا كانت أمي وراءه.وتضيف قائلة: ورثت عن أمي طباعا كثيرة.. شجاعتها والطموح الكبير الذي لايعرف الخذلان وأنوثتها التي كانت تعتز بها فليس معني أن تكون ناجحة بأن تصبح رجلا واهتمامها بوالدي حيث لا أنسي حينما كانت تجلس في الصباح بالصالون مع صديقاتها وقبل ميعاد حضور أبي كانت تأتي بكيس كبير به شرابات والدي المقطوعة وتجلس لتخيطها فكانت تقول: إن الرجل يحب أن يري زوجته مهتمة بشئونه وعندما كانت ترغب في زيارة عائلتها كانت تأخذه وتطوف علي افراد عائلته هو كلها وبعد أن تنتهي منها كلها تقول له ارغب في زيارة والدتي فقط فكان لايستطيع ان يرفض !! ومع قدوم عيد الأم أشعر باحساس بالذنب تجاهها بأني لم أوفها حقها برغم انه لم يمر عيد أم إلا ماكنت احتفي بها وأحضر لها كل اللي نفسها فيه وكان أهم شيء عندي الا تتألم من المرض فكنت أذهب معها للطبيب وأحضر لها الأدوية , ولكن كنت اتمني أن أفسحها وأسفرها معي ولكنها كانت تفضلنا عن نفسها وأذكر عندما كانت تقف في المطبخ لتعد لنا الطعام وهي تغني وكانت تحب الخضرة وتسقي بنفسها كل يوم الفل المزروع في حديقة المنزل وعندما كانت تنظر لي بعينيها تقول لي أنا بعشقك .وكنا نتفاهم الي حد كبير جدا وكنت أصغي لرأيها حتي لا أغضبها ولكن في النهاية كنت أنفذ قراراتي , وهي كانت متغلغلة في شخصيتي وتؤثر علي جدا وحتي الآن كثيرا ما أفعل اشياء وأشعر انني متقمصة شخصيتها في طريقة الحديث ونبرة الصوت وتعاملاتي مع الناس!والدعوة التي شعرت أن ربنا استجاب لها حينما كانت تقول لي ربنا يحبب فيكي خلقه ورغم انها متوفاة منذ 30 سنة إلا اني اشعر أنني لم ابك عليها بما يكفي حتي الآن فلا تزال توجد دموع في جدران النفس نفسي اطلع للفضاء أصرخ وأقول حبيبتي يا أمه!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق