"اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم في العالمين ، وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد"آمين
الأحد، 3 أبريل 2011
حوّار عن القوّاد صفوت الشريف " والعهدة " ع " الرواي " !!!
الاثنين، 21 مارس 2011
أحمد المسلمانى يكتب: الأسطول السادس
قابلت الرئيس معمر القذافى ذات خريف قبل سنوات، كنت ضمن وفد مصرى ذهب للمشاركة فى احتفالات ثورية. وكان الراحل النبيل الدكتور محمد السيد سعيد قد كلفنى بعمل بحث عن «حقوق الإنسان فى ليبيا»، وقد نشرته لاحقاً فى كتاب صدر لى عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. أثناء إعداد البحث جاءتنى دعوة ليبيا وكنت أعرف أنى لن أدخلها بعد نشر البحث.. ومن ثم فإن هذه الدعوة هى فرصتى الأولى والأخيرة. ■ ■ كنت أفكر طيلة الوقت.. من هو القذافى هل يمكن لرجل بهذا المستوى أن يحكم دولة واسعة مثل ليبيا؟.. إن القذافى يبدو شخصاً غير طبيعى.. وهو يتحدث كثيراً ولا يقول شيئاً.. وهو يقدم حالة استعراضية من الكلام «قذافى شو» أكثر مما يقدم خطاباً سياسياً مسؤولاً أو موزوناً.. من يكون هذا الرجل؟. إننى أتذكر الآن ذلك التعبير الأخاذ الذى صاغه الرئيس الكوبى فيدل كاسترو عن الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن «كل ما أخشاه أن يكون هذا الرجل بالغباء الذى يبدو عليه»! (١) أقمنا فى «الفندق الكبير» فى العاصمة طرابلس على شاطئ البحر المتوسط، وحين تجولت على كورنيش طرابلس.. كانت صدمتى كبيرة فى حالة الفقر الشديد الذى يعانيه عدد كبير من الليبيين هنا ليس بالخليج العربى، لا مظاهر للثراء ولا أثر للنفط.. وقد استقبلت فى ساعة واحدة عشرات المتسولين الليبيين الذين يطلبون الصدقات والإحسان! كان ينبعى أن يكون الشعب الليبى أغنى شعوب العالم، إنه يملك أكبر ثروة على عدد قليل من السكان فى دولة ساحلية سياحية معتدلة المناخ والبشر.. كان ينبعى أن تكون ليبيا سويسرا العالم العربى حتى لو لم يفعل الشعب أى شىء غير الإنفاق والاستمتاع. كان دخل ليبيا من البترول عام ١٩٨٠ يزيد على العشرين مليار دولار.. استقبلت ليبيا فى أكبر ثروة استقبلها شعب على مدى ثلث قرن، لكن نجاح القذافى كان مذهلاً فى تبديد أكبر ثروة فى التاريخ! ضاعت وعود القذافى بتقسيم عائدات النفط وحلت محلها طوابير المتسولين أمام الجمعيات التعاونية.. وكلما بدأت ملامح طبقة وسطى أو ملامح طبقة من القادرين كان القذافى يدعهم حتى يصلوا إلى قرابة أهدافهم.. ثم يسحقهم ليعودوا إلى الصفر من جديد! وفى عام ١٩٩٦، أعلن القذافى عن «عمليات التطهير» ألقى القبض على رجال الأعمال وأصحاب المحال والعقارات والمصانع، وأقام لذلك الهدف ألفاً ومائتى لجنة تطهير وإحدى وثمانين محكمة عسكرية! (٢) غادرت العاصمة طرابلس إلى مدينة سرت حزيناً على ما رأيت، وفى مطار سرت تضاعف ذلك الحزن.. دخلت إلى صالون الاستقبال من أجل بعض الراحة وبعض الشاى.. وكان الفيلسوف الفرنسى الشهير روجيه جارودى قد سبقنى إلى الشاى وإلى الجلوس.. كان من حظى أنى قضيت الوقت مستمعاً إلى جارودى. كان جارودى يتحدث إلىّ بإنجليزية سهلة عن السياسة والسيايين.. ولقد صدمنى رأى جارودى فى القذافى.. قال لى: «إن القذافى سياسى ومفكر.. وهو صاحب رسالة صعبة فى زمن صعب» لم تكن ملامح جارودى بالصدق الكافى وهو يمتدح معمر القذافى، وقد قابلت جارودى مرة ثانية فى طريق العودة إلى مطار سرت وكان جارودى لايزال على موقفه.. وقد عرفت فيما بعد أن الفيلسوف الفرنسى الكبير كان يتقاضى أموالاً من القذافى. (٣) قابلنا الرئيس القذافى فى خيمة فاخرة.. ولو كانت الخيام كالفنادق تقاس بالنجوم.. لقلت إن خيمة القذافى مائة نجمة.. ولكن القذافى بدأ حديثه بالقول: إننى قائد بسيط أعيش فى خيمة متقشفة! كانت تلك العبارة هى افتتاحية خطاب عبثى امتد ثلاث ساعات لم يكن هناك رابط واحد بين كل ما يقول إلا «العبث».. وبينما يواصل القذافى نوباته الكلامية.. توقف فجأة ثم قال: لماذا أنتم هنا؟.. ماذا تفعلون فى هذه الخيمة؟.. إن العدو أمامكم فلماذا لا تواجهونه؟.. لماذا جئتم بالطائرة من القاهرة إلى تونس ولماذا دخلتم إلى طرابلس عن طريق البّر؟.. الثائر الحقيقى لا يخاف.. عليكم أن تكسروا الحظر الجوى علينا.. الآن بعد أن تخرجوا من الخيمة عليكم أن تركبوا الطائرة من سرت إلى القاهرة.. وأن تواجهوا الأسطول السادس الأمريكى.. ماذا سيحدث لكم؟.. لا شىء.. سيضربكم الطيران الأمريكى.. ستموتون.. نعم سوف تموتون، ولكنكم ستموتون أبطالاً.. بدلاً من أن تعيشوا خائفين من أمريكا! (٤) لا يؤمن القذافى بقيمة الحياة إلّا له ولأبنائه.. الموت للشعب من أجل أن يعيش القائد.. بل الموت للوطن من أجل أن يحيا الزعيم.. إن أول ما يفكر فيه القذافى تجاه أى رأى مخالف هو الموت. لا يعرف القذافى أى تدرج فى الخلاف أو العقاب.. وحين تولى السلطة فى عام ١٩٦٩ أصدر قانوناً بإعدام كل من تعتقد السلطة أنه يقاوم الثورة، وفى عام ١٩٧٢ أصدر قانون «تحريم الحزبية» والذى يقضى بإعدام كل من يشكل حزباً سياسياً، ثم أصدر قانوناً بإعدام كل من يخالف سعر الصرف السائد، ثم كان «قانون تعزيز الحربية».. والذى يقضى بإعدام كل من تشكل حياته خطراً على المجتمع! كان القذافى مجرماً فى تنفيذ تلك الأحكام.. وكان يتوسع فيها بلا خوف أو رادع.. وفى عام ١٩٨٤ أمر القذافى بإعدام طالبين أمام زملائهما.. الأول فى فناء كلية الزراعة والثانى فى فناء كلية الصيدلة.. ولما تظاهر الطلاب أطلق عليهم الرصاص، وفى عام ١٩٩٦ أطلق الأمن الليبى النار على الجمهور الذى حضر مباراة لكرة القدم بين فريقى الأهلى والاتحاد بعد أن ردد الجمهور هتافات سياسية.. وكانت نتيجة المباراة مقتل خمسين وإصابة خمسمائه! (٥) أصبحت ليبيا جماهيرية بلا جماهير.. ودولة بلا رموز.. لا أغنياء ولا أقوياء ولا ساسة ولا مفكرون ولا نجوم.. تم إطفاء ليبيا بكاملها من أن أجل يضىء معمر القذافى. ولقد نشر القذافى حالة من «السّفَهْ الفكرى».. مزيج من خرافات حول المؤتمرات الشعبية واللجان الثورية والقائد الملهم.. يرى القذافى فى نفسه زعيماً أكبر من بلاده، وكان يرى نفسه جديراً بحكم مصر.. ومنها يحكم العالم العربى.. ثم إنه رأى نفسه جديراً بحكم أفريقيا، فأعلن نفسه ملكاً على ملوكها.. ثم أنه رأى نفسه أميراً للمؤمنين، فكان يخطب الجمعة ويؤم الصلاة.. وزعيماً للصوفية العالمية.. ثم إنه زاد فى تسمين قدراته الدينية فراح ينافس بيت النبوة ذاته.. فألغى السنة النبوية والتقويم الهجرى واتهم عبدالمطلب جد النبى «صلى الله عليه وسلم» بالعمالة لأبرهة الحبشى! ■ ■ دارت السنوات اثنين وأربعين عاماً.. كان القذافى فى أولها يتحدث عن الثورة والثوار وعن مناهضة أمريكا والغرب.. ثم مضت السنون.. ليخرج جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة الأحد عشر من السلطة ومن الحياة.. ثم ها هو القذافى يواصل جدول أعماله.. «قَتَلَ الشعب فى بنغازى وطرابلس ومصراته ورأس لانوف.. وكل مكان.. ثم ها هو يأتى بالقوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية إلى بلاده من جديد. ■ ■ اثنان وأربعون عاماً.. لا ثروة ولا حرية ولا استقلال.. عاش القائد الأول ليعيش الأسطول السادس! |
السبت، 12 فبراير 2011
ارفع رأسك يا أخي فقد خلعنا مبارك!
خرجت يوم 25 يناير وكان همّي رصد ما يجري أكثر من المشاركة ، ومع اشتعال المظاهرة وجدتني أردد بين الصفوف " بكرة نقول كان قهر وعدّي .. لما حسني يروح علي جدة " " ارحل .. ارحل .. ارحل " ، لم يكن بيننا زعيم أو قائد يهتف ونردد خلفه أو نتسابق لنحمله علي أكتافنا ونحن نردد " بالروح بالدم .. نفديك .." كنّا جميعا ذلك القائد وهذا الزعيم ونحن نتبادل الأدوار في مقدمة المظاهرة ونتوافق علي شارع محدد لنسلكه بعيدا عن سيطرة الشرطة التي فشلت مرات عديدة حينها في تحجيمنا حتى وصلنا ميدان التحرير عصر الخامس والعشرين من يناير المجيد وهناك التقينا بأهلنا الثائرين .
القصة ليست بحاجة لتكرار حول الذين توافدوا للميدان في ذلك اليوم حتى تمام الواحدة صباحا من السادس والعشرين من يناير حيث أطلق زبانية الشرطة حينها قنابلهم ورصاصهم ضدنا وطاردونا في الشوارع الجانبية للميدان وكهربونا بالعصي الكهربائية وأصابوا منا المئات الذين تفرقوا في الشوارع بين هلع شديد ورغبة أشد في الانتقام والثأر من هؤلاء الذين يعاملوننا وكأننا مجرمين عتاة وليس متظاهرون سلميون !!
في هذه الليلة ومع مشاهدتي للمصابين الذين خشي سائقيي التاكسي من حملهم ، وبعثرة أوراقي بشارع طلعت حرب نتيجة المطاردة ورفض أحد قيادات الشرطة ، بتبجح ، السماح لي بالتقاطها ، أيقنت أن بيننا وبين هذا النظام ثأر لن يمحوه سوي رحيل مبارك ، فقلب هذه المظاهرات شباب يؤمن بمشروعية ما يفعله وليس لديه حسابات خاصة تحكم خروجه غاضبا اللهم إلا تحرير الوطن ليتحرر المواطن الذي هو كل مصري شابا كان أو شيخا !
منذ الخامس والعشرين من يناير وحتى مغرب الجمعة الحادي عشر من فبراير 2011 كل ساعة تكتسب طابعا تاريخيا خاصا ، فساعة تزيد الحشود بالآلاف وساعة يتضاعف العدد وساعة يتضاعف الجرحى والشهداء وساعة يزيد بطش الشرطة وساعة يزيد التخريب والنهب وساعة يهرب السجناء بخطة محكمة وساعة تتشكل اللجان الشعبية لحماية مصر وساعة تعيد أحياء شعبية مثل بولاق الدكرور وأرض اللواء مسروقات باهظة تمت سرقتها من محلات شارع جامعة الدول العربية وساعة تقال الحكومة وساعة تحدد إقامة العادلي وساعة يمنع عز وجرانة والمغربي سعودي الجنسية من السفر وتجمد حساباتهم وساعة يخرج علينا مبارك بكلام لا معني له نرفضه وساعة يخرج علينا سليمان أو أحمد شفيق بكلام لا نقبله ، ثم ساعة يفوّض مبارك صلاحياته لنائبه عمر سليمان ، وساعة و ساعة وساعة ، ثم ساعة يتنحي فيها مبارك عن منصبه فنصرخ ونهتف ونجري ونضحك ونحضن بعضنا ، وبعضنا يغني وبعضنا يكبّر وبعضنا يقول بأنه غير مصدّق وكلنا يردد " افرح يا شهيد .. الليلادي عيد " " يا شهيد نام وارتاح .. أوعي تفكر دمك راح " .
ارفع رأسك يا أخي فقد خلعنا مبارك .. خلعناه بالدم .. بأكثر من ثلاثمائة شهيد من أنبل ما أنجبت مصر .. ضحوا بحياتهم ليعيش من بقي علي قيد الحياة منا حياة أفضل .. ارفع رأسك يا أخي .. مصر تحررت وعادت لنا بالفعل .. مصر للمصريين .. خيرها لأهلها .. بلا نهب أو سرقة أو منح للمحاسيب والمناسيب .. ارفع رأسك يا أخي .. مصر تتحرر وتتدمقرط بأيدينا نحن المصريين شبابها وناسها الذين أثبتوا للعالم أجمع جودة وطيب المعدن المصري النفيس .
السبت، 5 فبراير 2011
قصيدة فاروق جويدة لمبارك .. ارحل !

ارحل كزين العابدين وما نراه أضل منك
ارحل وحزبك في يديك ..
ارحل فمصر بشعبها وربوعها تدعو عليك ..
ارحل فإني ما أرى في الوطن فردا واحدا يهفو إليك
لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر أمّا تطاردها هموم الدهر تطلب ساعديك
لا تنتظر صفحا جميلا فالخراب مع الفساد يرفرفان بمقدميك
ارحل وحزبك في يديك
ارحل بحزب امتطى الشعب العظيم
وعتى وأثرى من دماء الكادحين بناظريك
ارحل وفشلك في يديك
ارحل فصوت الجائعين وإن علا لا تهتديه بمسمعيك
فعلى يديك خراب مصر بمجدها عارا يلوث راحتيك
مصر التي كانت بذاك الشرق تاجا للعلاء وقد غدت قزما لديك
كم من شباب عاطل أو غارق في بحر فقر وهو يلعن والديك
كم من نساء عذبت بوحيدها أو زوجها تدعو عليك
ارحل وابنك في يديك
إرحل وابنك في يديك قبل طوفان يطيح
لا تعتقد وطنا تورثه لذاك الابن يقبل أو يبيح
البشر ضاقت من وجودك.. هل لابنك تستريح؟
هذي نهايتك الحزينة هل بقى شيء لديك؟
ارحل وعارك أي عارْ
مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ لن يفيد الاعتذارْ
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
للأرضِ.. للطرقاتِ.. للأحياءِ.. للموتى..
وللمدنِ العتيقةِ.. للصغارْ؟!
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
لمواكب التاريخ.. للأرض الحزينةِ
للشواطئِ.. للقفارْ؟!
لعيونِ طفلٍ
مات في عينيه ضوءُ الصبحِ
واختنقَ النهارْ؟!
لدموعِ أمٍّ لم تزل تبكي وحيدا
فر أملا في الحياة وانتهى تحت البحار
لمواكبِ العلماء أضناها مع الأيام غربتها وطول الانتظارْ؟!
لمن يكون الاعتذار؟
**
ارحل وعارك في يديكْ
لا شيء يبكي في رحيلك..
رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيلْ
لا شيء يبدو في وجودك نافعا
فلا غناء ولا حياة ولا صهيل..
ما لي أرى الأشجار صامتةً
وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها
واستسلمتْ لليلِ في صمت مخيف..
ما لي أرى الأنفاسَ خافتةً
ووجهَ الصبح مكتئبا
وأحلاما بلون الموتِ
تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ
ماذا تركتَ الآن في أرض الكنانة من دليل؟
غير دمع في مآقي الناس يأبى أن يسيلْ
صمتُ الشواطئ.. وحشةُ المدن الحزينةِ..
بؤسُ أطفالٍ صغارٍ
أمهات في الثرى الدامي
صراخٌ.. أو عويلْ..
طفلٌ يفتش في ظلام الليلِ
عن بيتٍ توارى
يسأل الأطلالَ في فزعٍ
ولا يجدُ الدليلْ
سربُ النخيل على ضفافِ النيل يصرخ
هل تُرى شاهدتَ يوما..
غضبةَ الشطآنِ من قهرِ النخيلْ؟!
الآن ترحلُ عن ثرى الوادي
تحمل عارك المسكونَ
بالحزب المزيفِ
حلمَكَ الواهي الهزيلْ..
***
ارحلْ وعارُكَ في يديكْ
هذي سفينَتك الكئيبةُ
في سوادِ الليل تبحر في الضياع
لا أمانَ.. ولا شراعْ
تمضي وحيدا في خريف العمرِ
لا عرش لديكَ.. ولا متاعْ
لا أهلَ.. لا أحبابَ.. لا أصحابَ
لا سندا.. ولا أتباعْ
كلُّ العصابةِ تختفي صوب الجحيمِ
وأنت تنتظرُ النهايةَ..
بعد أن سقط القناعْ
من يؤيد السيد الرئيس ؟!
إذن فبعض المؤيدين لمبارك أناس سذج لم يفهموا طبيعة ما حدث ويحدث ، وهؤلاء أقلية قليلة من أبناء الأحياء الشعبية الفقيرة ممن يفتقدون الحد الأدنى من الوعي السياسي والثقافي بما فعله الثوّار وما يريدون تحقيقه لمصر كلها ، وبكل أسف لا يقتصر هذا الفهم الساذج لحقائق الأمور علي هؤلاء فقط بل يمتد إلي بعض حملة الشهادات العليا من خريجي الجامعات بل وحتي ، يا للغرابة ، لبعض من أعرفهم من حملة بطاقات عضوية نقابة الصحفيين !! أي أن بعض المنوط بهم أن يكونوا أكثر وعيّا هم في حقيقة الأمر ، بأكثر العبارات تهذيبا ، أجهل من دابة !
الفئة الثانية التي تعتدي علي المظاهرات وتؤيد السيد الرئيس هم مجموعات من البلطجية المنظمين ، لا انتماء لهم إلا لوجبة طعام أو رزمة جنيهات أو حبّة برشام مخدر أو حقنة كيف أو زجاجة بيرة أو امرأة لا ذوق لها ترغب في المتعة ، ومن الممكن جدا أن يقتل أحدهم واحدا من أهله لو عارضه يوما في أمر اعتقد بصوابه من وجهة نظره ، هؤلاء البلطجية رأيتهم بأم عيني عصر الجمعة 4 فبراير 2011 وهم يحاولون اختراق اعتصام الثوّار بميدان التحرير وقد راعني ما رأيت منهم فالأسلحة البيضاء متوفرة بأيديهم بأشكال وأنواع مختلفة بدءاً من المطواة وحتي الساطور ، ولذلك فثوّار مصر الشرفاء من الشباب أقاموا متاريس تحت حماية القوات المسلحة علي مداخل الميدان عند كل الشوارع المؤدية إليه تقريبا حتي أنهم يستوقفون الداخل إلي الميدان إن كان صحفيا أو متظاهرا أو متفرجا ثلاث أو أربع مرات علي مسافات متقطعة حتي قلب الميدان مع تحديد طرقات منفصلة للدخول والخروج .
خلاصة القول ، مصر اليوم أغلبية تريد للرئيس أن يرحل هو وأركان حكمه حتي تستطيع بجهود مخلصة إزالة آثار ما لحق بنا من خراب علي مدار سنوات حكمه الميمونة ، وأقلية بينها الساذج والغبي والبلطجي كبيرا كان أو صغيرا يريد استمرار الرئيس لاعتقاده بارتباط الحياة في برّ مصر بوجوده ، أو ليقينه بارتباط سلامته وسلامة ما نهب ببقاءه !
فهل عرف الناس من يؤيد السيد الرئيس ؟!
إسماعيل الأشول
الأربعاء، 26 يناير 2011
مشاهد من ملحمة الخامس والعشرين من يناير
في تمام الثانية ظهر الثلاثاء الماضي الخامس والعشرين من الشهر الجاري بدأ المتظاهرون هتافهم أمام مدخل محطة المترو علي بعد أمتار من سبع عربات للأمن المركزي وعربة ترحيلات وسيارة ربع نقل تتبع محافظة القاهرة ومصفحتين تمركزت جميعها في منطقة الدوران بشبرا مع عدة تجمعات متفرقة لجنود الأمن المركزي كانوا قد وصلوا مبكرا لضمان السيطرة علي المتظاهرين المرتقب وصولهم بين لحظة وأخري !
في الثانية وثلاث دقائق تزايد عدد المتظاهرين القادمين من كل اتجاه نحو المجموعة الصغيرة التي وقفت أمام مدخل محطة المترو وبالتزامن مع تدفق المتظاهرين تدفق بدرجة أشد جنود الأمن المركزي وحاصروا عددا من المتظاهرين علي جانب من شارع شبرا الرئيسي أمام عدد من المحلات التي اضطرت لإغلاق أبوابها تحسبا لوقوع اشتباكات مع تضييق الأمن الخناق علي المتظاهرين .
فوجئ الأمن بتجمعات متفرقة للمتظاهرين علي الجانب الآخر من الشارع خارج الكردون الذي فرضه علي بعضهم وهنا شعر بعض القيادات الأمنية ممن يرتدون ملابس مدنية بالحنق فحاولوا إدخال المتظاهرين بالتفاهم واللين خلف الكردون الأمني وهو ما رفضه بشدة المتظاهرون الذين رددوا هتافات من قبيل " ثورة ثورة حتي النصر .. ثورة في كل شوارع مصر " و" آه ياحكومة هزّ الوسط .. أكلتونا العيش بالقسط " ، مرّ عجوز بالمتظاهرين بشارع شبرا وهم يرددون مخاطبين الرئيس مبارك " ارحل .. ارحل .. ارحل " فقال بصوت غير مسموع " والله ما هيرحل " !
ازدادت الهتافات حدة مطالبة بسقوط حسني مبارك وسقوط النظام وبطلان مجلس الشعب ، فيما شوهد الفنان عمرو واكد بالمظاهرة حيث أكد أن المصريين لابد أن يؤمنوا جميعا بالتغيير حتي يعملوا معا لإنجازه .
بعد سيطرة لدقائق من الأمن علي جغرافية المظاهرة ، اندفع المتظاهرون نحو الكردون المقام علي جانب من مداخل شارع شبرا الرئيسي ونجحوا في كسره نحو اتجاه مغاير فارتبك الأمن وكاد يحدث اشتباك عنيف لولا استعادة الأمن للسيطرة مرة أخري ، وتوسيع دائرة الكردون ، اشتعل حماس المواطنين ورددوا " قوللي ياعامل إيه أفكارك .. يسقط يسقط حسني مبارك " و" ياحاكمنا بالمباحث .. كل الشعب بظلمك حاسس " و" ياأهالينا ضموا علينا .. الحرية ليكوا ولينا " في حين برزت " الحاجة زينب " وهي من مؤسسات حركة كفاية تردد بحماسة شديدة " ياحاكمنا حديد ونار .. ارفع ارفع في الأسعار " " قوللي مين في الشعب اختارك .. يسقط يسقط حسني مبارك " وعدة هتافات حماسية أخري إلي أن كوّنت دائرة من المتظاهرات فبدت أشبه بمظاهرة نسائية إلي جانب المظاهرة الجارية .
في الدقيقة 27 بعد الثانية ظهرا أجري أحد القيادات الأمنية بالمظاهرة اتصالا يطلب فيه قوات عسكرية إضافية لضمان السيطرة علي الأوضاع خاصة بعد كسر المتظاهرين للكردون قبل دقائق معدودة ، بدأ المتظاهرون يرددون هتاف واحد " عيش ، حرية ، كرامة إنسانية " " و" بالروح بالدم نفديك ياوطن " واتجهوا نحو الكردون الأمني مرة أخري في محاولة لكسره مجددا ، تلّفظ أحد القيادات الأمنية لفظا وقحا مخاطبا المتظاهرين قائلا : ارجع يابن الـ ........ انت وهوا ، لكن أحدا لم يسمعه وربما كان هذا من حسن حظه !
ردد المتظاهرون في مواجهة الكردون " يامبارك ابعد عنا .. الحرية هي أملنا " ونشيد " بلادي .. بلادي لك حبي وفؤادي " و" قاعدين قاعدين ومش ماشيين " ، مرّت أسرة مكوّنة من سيدة عجوز وسيدة متوسطة العمر وعلي كتفها رضيع وبيديها طفلين صغيرين يريدون المرور وعساكر الأمن ليس لديهم سوي كلمة " ممنوع .. قولوا للظابط " ، طلب أحد المتظاهرين من أحد الضباط تمرير الأسرة فاكتفي بالقول : مش ذنبي !
بعد أحد عشر دقيقة من طلب القوات الاضافية وصلت " ناقلات الأمن المركزي " في تمام الدقيقة 38 بعد الثانية ظهرا وحاصرت القوات المتظاهرين وأحكموا حصارهم إلا أن المجموعات المتظاهرة تكونت مرة أخري خارج الحصار الأمني وبالتحديد أمام مدخل شارع السندوبي المتفرع من شبرا الرئيسي وهو ما أدي إلي تعطيل المرور الذي عمل المتظاهرون علي تسييره وعدم تعطيله حتي لا تفسد مظاهرتهم .
وقفت الحاجة زينب تهتف " ادي اديها كمان حرية .. وابعت هات مليون عربية " و" آه وآه وآه .. مصر احتلت ياولداه " كما هتف المتظاهرون مخاطبين الأمن " حضرات السادة الظباط .. كام واحد في إيديكم مات ؟ "
أحد الضباط أجري اتصالا بشخص اسمه حسام وطلب منه تنفيذ ما طلبه منه علي وجه السرعة دون أن يفهم المتابعون لتحركات الأمن بملابس مدنية طبيعة المطلوب من حسام المجهول وصفه وعمله ، فتاة محجبة جميلة تهتف " قول يامبارك يامفلسنا .. انت بتعمل ايه بفلوسنا " ، في تمام الدقيقة 55 بعد الثانية ظهرا وصلت ثلاث عربات من ناقلات الأمن المركزي وفي الثالثة عصرا أغلقوا شارع شبرا من الجانبين مع ترك فراغ واسع بينهما بعد فشل محاولات تحجيم المظاهرة وتسيير الحركة من شوارع السندوبي وروض الفرج وخلوصي .
الحاجة زينب تردد مرة أخري " اضربونا بالرصاص .. جسمنا نحّس خلاص " و" اضربونا بالرصاص .. مش راح تقتل حلم الناس " " وابعت هات مليون شاويش .. آه ياحكومة ما تختشيش "
مع آذان العصر ردد المتظاهرون " الله أكبر .. الله أكبر " وفي تمام الدقيقة السابعة بعد الثالثة عصرا كوّن المتظاهرون درعا بشريا مواجها لدرع جنود الأمن المركزي واتجهوا نحوهم وكسروا الكردون الأمني وكل الحواجز حتي المتاريس الحديدية وانطلقت المظاهرة باتجاه ميدان التحرير من شوارع جانبية حينا ومن شارع شبرا الرئيسي وصولا إلي نفق أحمد حلمي من شارع الترعة البولاقية حتي شارع رمسيس بينما تهدر حناجر المواطنين بسقوط النظام وتستحث المتفرجين للمشاركة وهتافات " ارحل .. ارحل .. باطل .. باطل " .
أمام رئاسة حي عابدين حاول أحد المتظاهرين تكسير لوحة تأييد للرئيس مبارك فنهره أغلب المشاركين وأكدوا علي سلمية مظاهرتهم ، وصلت المظاهرة إلي الاسعاف أمام دار القضاء العالي وفوجئ المشاركون بحشود أمنية تحاصر مجموعة صغيرة من المتظاهرين أمام مكتب النائب العام ، تفاعل المحاصرون مع أحرار شبرا الغاضبين واشتدت الهتافات بسقوط النظام ، واصل المتظاهرون السير حتي ميدان التحرير وهناك انضموا إلي كافة المتظاهرين القادمين من مناطق متفرقة .
هتف المتظاهرون في التحرير " العدد بيكبر .. مصر هتتحرر " و" الشعب يريد تغيير النظام " وهتافات أخري وسط إطلاق متقطع للقنابل المسيلة للدموع من قبل الأمن .
مع دخول المساء ، احتشد المتظاهرون بميدان التحرير وأعلنوا تمسكهم باستمرار الاعتصام حتي الصباح والمبيت بالميدان ، وسط مخاوف من لجوء الأمن للعنف لتفريق المتظاهرين ، فيما وزّع بعض الأخوة العرب ذوي اللهجة الشامية أو الفلسطينية أطعمة ومياه علي عدد من المتظاهرين ، وكانت تقول الفتاة الشامية أو الفلسطينية الأصيلة " حد بد ه ياكل .. حد بده أكل " بنبرة تضامن زادت من حماس المتظاهرين ، فضلا عن قيام بعض الأجانب من الشباب بمثل ما فعلته الفتاة وبسؤال أحدهم عن رأيه فيما يجري قال بعد امتناع بعربية مكسّرة " طبعا الحرية حاجة حلوة " .
خطب كمال أبوعيطة الشهير بمؤذن الثورة في المتظاهرين وأكد لهم أن الجلوس علي الأرض وتشبيك الأيدي سيكون عائقا أمام لجوء الأمن للعنف ، كما أكد الشاعر عبد الرحمن يوسف استمرار الاعتصام والعمل علي توفير بطاطين وسبل إعاشة للمتظاهرين حتي يستمر الاعتصام وتنضم القاهرة جميعها إليه صباح الأربعاء ، وما إن أيقن الأمن بتمسك النشطاء بالاعتصام وحلول الساعات الأولي من الصباح وتحديدا في تمام الواحدة أطلقت القوات الأمنية سيلا من القنابل المسيلة للدموع تجاه المتظاهرين ما أثار هلع العديدين منهم مع تمسك بعضهم باستمرار الاعتصام رغم حالات الاختناق لعدد منهم جراء الغاز المسيل للدموع الذي اختلط بهواء الميدان .
برغم إطلاق المسيل للدموع إلا أنه لم ينجح في فض الاعتصام نهائيا ، فتطورت المواجهات إلي اشتباك عنيف بين جنود الأمن المركزي والمتظاهرين المصّرين علي موقفهم ما أدي إلي إصابة عدد من الجانبين بعدما عمد جنود الأمن المركزي إلي استخدام العصا الكهربائية والهراوات والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين وهو ما حدا ببعض المتظاهرين إلي رشق الأمن بالطوب ، فيما شوهد أحد المتظاهرين ويدعي "إبراهيم" يحمل علما لمصر ملفوفا حول عصا تابعة لأحد أفراد الأمن حصل عليها بعد اشتباك عنيف مع عدد من الجنود بصحبة بعض المتظاهرين أمام مبني الإذاعة والتلفزيون المصري ، وحكي المتظاهر الذي نجا من الإصابة بأعجوبة علي حد تعبيره أنه اشتبك في معركة عنيفة مع ضابط برتبة ملازم بعدما شاهد اعتداء أفراد الأمن علي رفقاءه المتظاهرين ، إلا أن بعض المتظاهرين حملوا الضابط إلي عربة أمنية حفاظا علي سلامته وتأكيدا علي رغبتهم في سلمية اعتصامهم .
في الوقت نفسه تفرقت عدة مجموعات للمتظاهرين في الشوارع الجانبية المجاورة لميدان التحرير علي أمل معاودة الاعتصام غير أن الأمن تصدي لهم بالعصا الكهربائية وبالمطاردة العنيفة التي أسقطت عددا من المصابين من المتظاهرين الذين رددوا " حسبنا الله ونعم الوكيل " أمام الكردون الأمني الذي فرضه الأمن عليهم بميدان طلعت حرب الشهير بوسط القاهرة .
بعد الواحدة بقليل من صباح الأربعاء شوهدت مسيرة بأحد الشوارع الجانبية المحاذية لميدان التحرير لعدد من المتظاهرين تؤكد تمسكهم باستمرار الاعتصام وهو ما أثار حنق الأمن الذي ضيّق الخناق عليهم حتي انتهت المواجهة بينهما بعد كرّ وفرّ إلي أحد الشوارع الجانبية بميدان رمسيس حيث شوهد المتظاهرون " يغلقون أحدي الطرق أمام عربات من الأمن التي كانت تتجه نحوهم ، بينما تمكنت قوات الأمن من فرض كردون خلفي علي المتظاهرين الغاضبين فيما لا يزال مصير أغلب النشطاء من المصابين والمعتقلين مجهولا وسط تمسك وإصرار المواطنين باستمرار اعتصامهم حتي الآن .
إسماعيل الأشول
الاثنين، 10 يناير 2011
همسات حالمة جدا ..
الآن كان من المفترض أن أكون نائما لكنني لم أنم .. سهرت لأجلك .. أعرف أنك تكرهينني بصدق كما أعرف أنك كنت تحبينني يوما بصدق أشد !!
لايهمني الآن شعورك فأنا لا أستحق اهتمامك بي من الأساس .. أنا لا أستحق حتي كراهيتك لأن مجرد تفكيرك بي شيء يشعرني بسعادة لا أستحقها .. لن أحكي لك عن مبررات غيابي عنك طيلة الفترة الأخيرة فلديّ أسبابي التي لا يقتنع بها غيري وأحيانا لا أقتنع بها شخصيا .. لكن علي كل حال أشعر بسعادة بالغة وأنا أجدك من بين قائمة طويلة ممن عرفت من بنات حواء الأحق بمحاسبتي وإيقافي للاطلاع علي هويتي والتحقيق معي .. أوراقي كلها سليمة أيتها المستبدة .. قلبي ليس به غيرك وإن كان وجودك شيئا روتينيا كتحية الصباح لبعض الزملاء الذين لا أحبهم .. ليس معني هذا أنني أخونك أو أن وجودك شيئا لاقيمة له ..لا .. لكن المشكلة تكمن في طريقة إدارتك للحكم داخل مملكتي قلبي الديمقراطية جدا .. لست ديمقراطية إطلاقا .. منذ سطرين فقط وصفتك بالمستبدة .. ولذلك ورغم اعترافي بشرعية حكومتك إلا أنني أعارضها بشدة وأتحمّل في ذلك صعابا كثيرة .. تتهمينني بالخيانة وتصدرين قرارا جائرا بحرماني من أي كلام ناعم أو همسات حالمة أطير بها كعصفور فوق السحاب .. أخطط لثورة للإطاحة بك لكن بكل أسف لديك جيشا ضخما من الوشاة والمخبرين بين ضلوعي يعدّون أنفاسي منذ الصباح وحتي المساء وقبل أن أنام يحضر طيفك النوراني ليحقق معي وهو مشفق لعلمه بعجزي عن تنفيذ ما أخطط له منذ زمن بعيد .. أما آن لهذه الحكومة المستبدة أن تتدمقرط !! أما آن لك أيتها الرائعة أن تغفري لي ماسبق ولنبدأ عقدا جديدا ليصبح حكمك أبديا دون منازع .. في كل مرة نعلن سويا التحدي لبعضنا ونحارب طواحين الهواء وكلانا يعلم أنه لاحياة له بدون الآخر .. الآن لن أكرر حماقاتي .. حقنا لدماء جديدة وحفاظا علي مستقبل أجيال قادمة أتنازل عن أي شروط مسبقة وأمنحك حكما مؤقتا منذ فترة الأصيل مساء اليوم وحتي فجر غد علي أن أبايعك مختارا وبالتزكية لفترة جديدة ولندفن مافات في صندوق الذكريات !!
إسماعيل الأشول
الحياة بدون فيس بوك !
ليومين متتالين أجلس علي الكمبيوتر ولا أطالع صفحتي ولا تدوينات أصدقائي علي موقع التواصل الاجتماعي الشهير " الفيس بوك " ، السبب بسيط وواضح للغاية ؛ فشركة الانترنت التي نتعامل معها أوقفت اشتراكنا مؤقتا لحين دفع بعض المبالغ المالية مقابل خدمات جليلة أدتها الشركة وأجهزتها بإخلاص منقطع النظير لأحد زملاءنا الذي يعاني من كبت حاد دفعه لقضاء كل أوقاته علي الانترنت في مشاهدة وتحميل الأفلام الجنسية المثيرة لفتيات وسيدات الكوكب من كل صنف وجنس ولون ، ورغم محاولات الأشخاص ذوي الميول الفيسبكاوية ، من أمثالي ، كبح جماح مالدي صاحبنا من اشتهاء وتنزيل برنامج يعيق فتح المواقع الجنسية في وقت سابق ، ورغم تنزيلنا للبرنامج وتحمّلنا لفراق اليوتيوب وكافة ملفات الفيديو علي الشبكة العنكبوتية تقريبا ، إلا أن سيف الفاتورة كان قد سبق إلي رقابنا ، وماعلينا إلا أن ندفع قيمة خدمات الشركة لصاحبنا الذي لم يعد يحتفظ لنا ، فيما يبدو ، بأي مشاعر تمت " للصحوبية " أو" الصداقة " بصلة !
الحياة بدون فيس بوك تبدو رتيبة مملة ، لكنها في ذات الوقت أكثر نفعا وثراءً ، إن الفيس بوك الذي نظنّه انفتاحا علي العالم ، وهو كذلك بالفعل من وجهة نظري ، يبدو في ذات الوقت انغلاقا علي الذات وشاشة الكمبيوتر وعدد محدود من الأصدقاء وكمّ هائل من الأشخص الافتراضيين ، وما إن تنقطع الصلة بالفيس بوك بكبسة زر لديك أو لدي الشركة موردة الانترنت لحضرتك فستجد نفسك ثريّا للغاية بعدة ساعات كانت تمرّ علي الفيس بوك كدقائق ، آخر مرة حاولت محاسبة نفسي علي وقتي علي الفيس بوك ، وجدتني خاسرا للغاية ، فأغلب الحوارات " الدردشة " سلامات وعاملين إيه النهاردة ع الغدا ؟ وبتعمل ايه دلوقتي ؟ وعملت ايه امبارح ؟ وانت مرتبط ؟ وانت حلو أوي ؟ وأنت ابن ....... وتنتهي " الدردشة " دون طائل ، اللهم إلا لحيظات مع سعادة عابرة أو غضبة بلا سبب لحوار بدأ مع أشخاص غير مرغوب فيهم وجدوا طريقهم إلي قائمة الأصدقاء يوما ما !!
الفقرة السابقة ليس معناها التقليل من الفيس بوك وأهميته ، فخلاله تحدثت إلي زملاء دراسة مضت سنوات لم نر بعضنا منذ كنا زملاء في مقاعد الدرس ، لكن وأنا الآن ليس لديّ من مزايا الكمبيوتر إلا لوحة المفاتيح وبرنامج الوورد فلابد أن أكتب خمسمائة كلمة علي الأقل عن هذا الموضوع الذي بدأته لعله يجد قبولا لدي رئيس تحرير الصحيفة التي أعمل بها ليجد مكانا للنشر !
الحياة علي الفيس بوك تبدو ديمقراطية ، نختار أصدقائنا بإرادتنا الحرة ، ونتحدث إلي من نشاء في أي وقت نحب ، ونكون أكثر صراحة في التعبير عن ذواتنا ، وفي الفيس بوك إشباع لرغبات أغلب مستخدميه ، فمن يحبون الرقص الشرقي سيجدون من يقاسمونهم هذا الحب ، ومن يلعنون باعة فلسطين من الحكام العرب الذين هربوا خلسة من العصور الوسطي ليحكمونا، سيجدون أيضا من يرددون خلفهم اللعنات ، ومن يحبون جمال مبارك بالأجر سيجدون حمقي يبايعونه بالمجان ، وكذلك الدراويش والمهابيل والبهاليل والطراطير والدلاديل ، والأخيرة مفردها "دلدول" ، علي كل الألوان والأذواق .. ولك مطلق الحرية في الاختيار في أي قائمة تضع نفسك !
فقرة الختام سأخصصها لرصد مايجول بخاطر بعض الأصدقاء عن علة غيابي ، إن هم استشعروه أصلا ، أعرف أحدهم سيظن أنني سافرت إلي الصعيد في مهمة مقدسة لتقبيل يديّ والديّ العزيزين ، لكن لأن الجو بارد والسفر طويل لم أسافر ، أحداهن ستظن أنني أفتح الفيس بوك ولا أقوم بأي نشاطات حتي لاتكتشف وجودي ، حمقاء من يومها ، ولا أعرف سر إصراري علي إقناعها بأنني لا أتهرب منها ، صديق آخر سيظنّ أنني أمرّ بضائقة مالية ، وبالتالي فلا وقت عندي إلا للبحث عن مورد دخل لائق ، وهو الظنّ الأكثر حصافة حتي الآن ، صديق أخير لن يستشعر هذا الغياب إطلاقا إلا متأخرا جدا حينما يجدني أهاتفه لمطالبته برد ما اقترضه مني سابقا !!
إسماعيل الأشول