الاثنين، 10 يناير 2011

الحياة بدون فيس بوك !

ليومين متتالين أجلس علي الكمبيوتر ولا أطالع صفحتي ولا تدوينات أصدقائي علي موقع التواصل الاجتماعي الشهير " الفيس بوك " ، السبب بسيط وواضح للغاية ؛ فشركة الانترنت التي نتعامل معها أوقفت اشتراكنا مؤقتا لحين دفع بعض المبالغ المالية مقابل خدمات جليلة أدتها الشركة وأجهزتها بإخلاص منقطع النظير لأحد زملاءنا الذي يعاني من كبت حاد دفعه لقضاء كل أوقاته علي الانترنت في مشاهدة وتحميل الأفلام الجنسية المثيرة لفتيات وسيدات الكوكب من كل صنف وجنس ولون ، ورغم محاولات الأشخاص ذوي الميول الفيسبكاوية ، من أمثالي ، كبح جماح مالدي صاحبنا من اشتهاء وتنزيل برنامج يعيق فتح المواقع الجنسية في وقت سابق ، ورغم تنزيلنا للبرنامج وتحمّلنا لفراق اليوتيوب وكافة ملفات الفيديو علي الشبكة العنكبوتية تقريبا ، إلا أن سيف الفاتورة كان قد سبق إلي رقابنا ، وماعلينا إلا أن ندفع قيمة خدمات الشركة لصاحبنا الذي لم يعد يحتفظ لنا ، فيما يبدو ، بأي مشاعر تمت " للصحوبية " أو" الصداقة " بصلة !

الحياة بدون فيس بوك تبدو رتيبة مملة ، لكنها في ذات الوقت أكثر نفعا وثراءً ، إن الفيس بوك الذي نظنّه انفتاحا علي العالم ، وهو كذلك بالفعل من وجهة نظري ، يبدو في ذات الوقت انغلاقا علي الذات وشاشة الكمبيوتر وعدد محدود من الأصدقاء وكمّ هائل من الأشخص الافتراضيين ، وما إن تنقطع الصلة بالفيس بوك بكبسة زر لديك أو لدي الشركة موردة الانترنت لحضرتك فستجد نفسك ثريّا للغاية بعدة ساعات كانت تمرّ علي الفيس بوك كدقائق ، آخر مرة حاولت محاسبة نفسي علي وقتي علي الفيس بوك ، وجدتني خاسرا للغاية ، فأغلب الحوارات " الدردشة " سلامات وعاملين إيه النهاردة ع الغدا ؟ وبتعمل ايه دلوقتي ؟ وعملت ايه امبارح ؟ وانت مرتبط ؟ وانت حلو أوي ؟ وأنت ابن ....... وتنتهي " الدردشة " دون طائل ، اللهم إلا لحيظات مع سعادة عابرة أو غضبة بلا سبب لحوار بدأ مع أشخاص غير مرغوب فيهم وجدوا طريقهم إلي قائمة الأصدقاء يوما ما !!

الفقرة السابقة ليس معناها التقليل من الفيس بوك وأهميته ، فخلاله تحدثت إلي زملاء دراسة مضت سنوات لم نر بعضنا منذ كنا زملاء في مقاعد الدرس ، لكن وأنا الآن ليس لديّ من مزايا الكمبيوتر إلا لوحة المفاتيح وبرنامج الوورد فلابد أن أكتب خمسمائة كلمة علي الأقل عن هذا الموضوع الذي بدأته لعله يجد قبولا لدي رئيس تحرير الصحيفة التي أعمل بها ليجد مكانا للنشر !

الحياة علي الفيس بوك تبدو ديمقراطية ، نختار أصدقائنا بإرادتنا الحرة ، ونتحدث إلي من نشاء في أي وقت نحب ، ونكون أكثر صراحة في التعبير عن ذواتنا ، وفي الفيس بوك إشباع لرغبات أغلب مستخدميه ، فمن يحبون الرقص الشرقي سيجدون من يقاسمونهم هذا الحب ، ومن يلعنون باعة فلسطين من الحكام العرب الذين هربوا خلسة من العصور الوسطي ليحكمونا، سيجدون أيضا من يرددون خلفهم اللعنات ، ومن يحبون جمال مبارك بالأجر سيجدون حمقي يبايعونه بالمجان ، وكذلك الدراويش والمهابيل والبهاليل والطراطير والدلاديل ، والأخيرة مفردها "دلدول" ، علي كل الألوان والأذواق .. ولك مطلق الحرية في الاختيار في أي قائمة تضع نفسك !

فقرة الختام سأخصصها لرصد مايجول بخاطر بعض الأصدقاء عن علة غيابي ، إن هم استشعروه أصلا ، أعرف أحدهم سيظن أنني سافرت إلي الصعيد في مهمة مقدسة لتقبيل يديّ والديّ العزيزين ، لكن لأن الجو بارد والسفر طويل لم أسافر ، أحداهن ستظن أنني أفتح الفيس بوك ولا أقوم بأي نشاطات حتي لاتكتشف وجودي ، حمقاء من يومها ، ولا أعرف سر إصراري علي إقناعها بأنني لا أتهرب منها ، صديق آخر سيظنّ أنني أمرّ بضائقة مالية ، وبالتالي فلا وقت عندي إلا للبحث عن مورد دخل لائق ، وهو الظنّ الأكثر حصافة حتي الآن ، صديق أخير لن يستشعر هذا الغياب إطلاقا إلا متأخرا جدا حينما يجدني أهاتفه لمطالبته برد ما اقترضه مني سابقا !!

إسماعيل الأشول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق