السبت، 12 فبراير 2011

ارفع رأسك يا أخي فقد خلعنا مبارك!




نجحنا برغم تواضع ما كنا نتوقعه يوم خروجنا الأول ، كنت أظنها مظاهرة كغيرها من تلك التي شاركت فيها يوما ما بدعوة من أحد الأصدقاء برفقة أصحاب الابتسامة العريضة والطموحات الكبيرة لمصر والمصريين من أمثال كمال أبو عيطة ومحمد عبد القدوس وكمال خليل ونور الهدي زكي وغيرهم من "المغرضين" دعاة المظاهرات في مصر !
خرجت يوم 25 يناير وكان همّي رصد ما يجري أكثر من المشاركة ، ومع اشتعال المظاهرة وجدتني أردد بين الصفوف " بكرة نقول كان قهر وعدّي .. لما حسني يروح علي جدة " " ارحل .. ارحل .. ارحل " ، لم يكن بيننا زعيم أو قائد يهتف ونردد خلفه أو نتسابق لنحمله علي أكتافنا ونحن نردد " بالروح بالدم .. نفديك .." كنّا جميعا ذلك القائد وهذا الزعيم ونحن نتبادل الأدوار في مقدمة المظاهرة ونتوافق علي شارع محدد لنسلكه بعيدا عن سيطرة الشرطة التي فشلت مرات عديدة حينها في تحجيمنا حتى وصلنا ميدان التحرير عصر الخامس والعشرين من يناير المجيد وهناك التقينا بأهلنا الثائرين .
القصة ليست بحاجة لتكرار حول الذين توافدوا للميدان في ذلك اليوم حتى تمام الواحدة صباحا من السادس والعشرين من يناير حيث أطلق زبانية الشرطة حينها قنابلهم ورصاصهم ضدنا وطاردونا في الشوارع الجانبية للميدان وكهربونا بالعصي الكهربائية وأصابوا منا المئات الذين تفرقوا في الشوارع بين هلع شديد ورغبة أشد في الانتقام والثأر من هؤلاء الذين يعاملوننا وكأننا مجرمين عتاة وليس متظاهرون سلميون !!
في هذه الليلة ومع مشاهدتي للمصابين الذين خشي سائقيي التاكسي من حملهم ، وبعثرة أوراقي بشارع طلعت حرب نتيجة المطاردة ورفض أحد قيادات الشرطة ، بتبجح ، السماح لي بالتقاطها ، أيقنت أن بيننا وبين هذا النظام ثأر لن يمحوه سوي رحيل مبارك ، فقلب هذه المظاهرات شباب يؤمن بمشروعية ما يفعله وليس لديه حسابات خاصة تحكم خروجه غاضبا اللهم إلا تحرير الوطن ليتحرر المواطن الذي هو كل مصري شابا كان أو شيخا !
منذ الخامس والعشرين من يناير وحتى مغرب الجمعة الحادي عشر من فبراير 2011 كل ساعة تكتسب طابعا تاريخيا خاصا ، فساعة تزيد الحشود بالآلاف وساعة يتضاعف العدد وساعة يتضاعف الجرحى والشهداء وساعة يزيد بطش الشرطة وساعة يزيد التخريب والنهب وساعة يهرب السجناء بخطة محكمة وساعة تتشكل اللجان الشعبية لحماية مصر وساعة تعيد أحياء شعبية مثل بولاق الدكرور وأرض اللواء مسروقات باهظة تمت سرقتها من محلات شارع جامعة الدول العربية وساعة تقال الحكومة وساعة تحدد إقامة العادلي وساعة يمنع عز وجرانة والمغربي سعودي الجنسية من السفر وتجمد حساباتهم وساعة يخرج علينا مبارك بكلام لا معني له نرفضه وساعة يخرج علينا سليمان أو أحمد شفيق بكلام لا نقبله ، ثم ساعة يفوّض مبارك صلاحياته لنائبه عمر سليمان ، وساعة و ساعة وساعة ، ثم ساعة يتنحي فيها مبارك عن منصبه فنصرخ ونهتف ونجري ونضحك ونحضن بعضنا ، وبعضنا يغني وبعضنا يكبّر وبعضنا يقول بأنه غير مصدّق وكلنا يردد " افرح يا شهيد .. الليلادي عيد " " يا شهيد نام وارتاح .. أوعي تفكر دمك راح " .
ارفع رأسك يا أخي فقد خلعنا مبارك .. خلعناه بالدم .. بأكثر من ثلاثمائة شهيد من أنبل ما أنجبت مصر .. ضحوا بحياتهم ليعيش من بقي علي قيد الحياة منا حياة أفضل .. ارفع رأسك يا أخي .. مصر تحررت وعادت لنا بالفعل .. مصر للمصريين .. خيرها لأهلها .. بلا نهب أو سرقة أو منح للمحاسيب والمناسيب .. ارفع رأسك يا أخي .. مصر تتحرر وتتدمقرط بأيدينا نحن المصريين شبابها وناسها الذين أثبتوا للعالم أجمع جودة وطيب المعدن المصري النفيس .


إسماعيل الأشول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق