الخميس، 8 أبريل 2010

زغاريد الموت .. قصة قصيرة

وقفت أحدي السيدات أسفل منزلنا تطلق زغاريدها المتقطعة لمجرد سماعها صراخ عروس أخي التي حضرنا جميعا حفل زفافها قبل قليل .. دلالة هذا الصراخ في العادة تنحصر في أن الزوج أثبت رجولته بنجاحه سريعا في فض بكارة زوجته التي لم يكتمل نضوجها بعد فهي لم تبلغ حسب معلوماتي الثامنة عشرة من عمرها.. كنت منزعجا منذ معرفتي بتفاصيل جريمة هذه الزيجة إلا أن اقتناع الجميع بسذاجة انزعاجي وفساد حججي بدد شيئا من هذا الانزعاج الذي تضاعف بسماعي زغاريد تلك السيدة أسفل منزلنا .. طلبت منها الهدوء والتعبير عن فرحها بغير تلك الزغاريد التي لم تكن مطربة علي الإطلاق بالنسبة لي علي الأقل ؛ رمقتني بنظرة حادة اضطرتني لتركها تواصل زغاريدها بحرية تامة وسط حالة من النشوة سادت منزلنا والمنازل المجاورة وهي تستمتع فيما بدا لي بأصوات الصراخ المتقطع حينا وبزغاريد تزكية الصراخ حينا آخر .. لم أخبركم أن حضوري حفل الزفاف جاء بالصدفة فلم أزر قريتنا بالصعيد سوي لإنهاء عدة أوراق من عدة جهات رسمية غير أن تلك الزيارة تزامنت مع الحفل فكنت من الحضور رغما عني وهو حضور استغربه طرفا الحفل من أهلي وأهل العروس لعلمهم جميعا برفضي القاطع زواج أخي من تلك الفتاة الطفلة التي لم تكتمل أنوثتها بعد .. ورغم محاولاتي المتعددة لإقناع الفتاة الطفلة بصغر سنها وإقناع الأهل بذلك إلا أن الجميع ومعهم شيخ المسجد ذو اللحية البيضاء لم يأبهوا إطلاقا برأيي بل وربما كان صمتهم عني لعلمهم بسفري القريب ومن ثم فلا داعي لاستعدائي أو مقاطعتي .. تركت السيدة وهي فرحة بزغاريدها التي بدت لي وأنا أنظر إليها من بعيد وكأنها تبكي أو تولول وليست تزغرد.. تركتها لأقف في مواجهة منزل أحدي زميلاتي أثناء الابتدائية من فتيات القرية وكانت قد أنهت تعليمها الجامعي قبل عامين مثلي إلا أنها ظلت متمسكة بحياء القرية الذي فارقني شيئا فشيئا بعد عدة أشهر قضيتها تحت سماء القاهرة .. لم تخرج زميلة الابتدائية إلي شرفتها رغم يقيني بعلمها بوجودي بالخارج منتظرا .. مر أبيها الذي تربطني به علاقة قرابة ففهم بقليل من الذكاء علة وقوفي فدعاني للدخول بنبرة لمست فيها نوعا من التضامن معي في مسعاي لرؤية ابنته التي تبادلني حبا بحب غير أنه حب علي طريقتها التي أتعبتني لفرط حيائها الذي تجاوز معايير الأب الذي تضامن معي لهدم تلك الأسوار التي تقيمها محبوبتي فيما بيننا .. دخلنا متأبطين ذراعينا فقد كنا قبل سفري لانفترق إلا قليلا في الصيف بصفة خاصة حيث كنت أصحبه للحقل وأعاونه في أعمال الحقل وفي التهام أصناف الخضروات المختلفة التي يزرعها ومص أعواد القصب .. كنا أصدقاء ولم يزل محتفظا لي بوضع مميز عن غيري من أقاربي في مثل سني .. قبل جلوسي انتظارا لكوب الشاي بمنزل محبوبتي التي هي ابنة أحد أقاربي سمعت صراخا متقطعا من منزلنا المواجه لمنزل أقاربنا الذي كنت فيه فابتسمت لهذا القريب الذي علّق وهو يطرق في الأرض ببصره قائلا : شد حيلك يا أبو السباع ، قالها ثم انتفض واقفا يصيخ سمعه للخارج ثم هرولنا معا لنقف علي ما يجري من صراخ وولولة وسب وشتم من قبل الرجال للسيدات اللواتي يقمن بالصراخ والولولة .. اجتمع الجميع أمام منزلنا وبينما كنت أحدق في وجه السيدة التي كانت تزغرد قبل ساعة تقريبا ثم تحوّلت زغاريدها إلي صراخ وولولة قبل قليل بسبب حضور عربة الإسعاف لأخذ عروس أخي إلي مستشفي المدينة لتوقيع الكشف الطبي عليها لتعرضها لنزيف وصفه الجميع بالمعتاد ليلة زفاف البنات البكر أقول وبينما كنت أحدق في وجه تلك السيدة رن هاتفي المحمول فسمعت صوت أحد الأصدقاء ممن تخرجوا في الطب من أبناء الجيران قبل سنوات ليخبرني بهمس قائلا : كان عندك حق .. العروسة ماتت بسبب تمزق كامل للأعضاء التناسلية وتعرضها لنزيف مميت .. وارتفع همس الطبيب ليحذرني في مكالمته بألا أخبر أحدا وألا أنشر عن ذلك خبرا في صحافة القاهرة حيث أعمل فالمستشفي ستقول إن الوفاة جاءت بسبب أزمة قلبية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق