السبت، 31 أكتوبر 2009

ظننا أن ماء الغيب ملح ..بقلم ماجدة أباظة

مازلنا في رحلة كليم الله الباطنية مع الخضر. فحينما انطلقا، فلقيا غلاماً، فقتله. وهنا لنا وقفة. هل قتله الخضر جسدا وروحا، أم قتل النفس الأمارة بالسوء التي خشي علي أبويه المؤمنين أن يرهقهما طغيانه وكفره؟ فأراد أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة في نفس ليست أمارة بالسوء. وهنا توقف سيدنا موسي وقال له «أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا». لقد رأي سيدنا موسي هذا الغلام نفساً زكية، كناحية ظاهرية ولم ينظر إليه كظاهرة باطنية كما نظر سيدنا الخضر إليه. فقال له الخضر «ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا». فرد سيدنا موسي وأخذ علي نفسه عهدا، فقال «إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا». وهنا شرط علي نفسه كليم الله، ألا يعترض بعد ذلك.
«فانطلقا حتي إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما. فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقض، فأقامه، قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا». وهنا توقف سيدنا الخضر بناء علي العهد الذي قطعه سيدنا موسي علي نفسه. فـ«قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تسطع عليه صبرا». فلن نقول كيف أقام الجدار ومن أين أتي بالعدة التي أقام بها الجدار. ولكن نرجع إلي عين بصيرة سيدنا الخضر وعلمه اللادني الذي هو بين الكاف والنون. فبه يستطيع أن يري كل الأشياء، كما رأي الملك الظالم وكما رأي النفس الأمارة بالسوء للغلام وكما رأي الكنز الذي تحت الجدار. من أجل أبوهما الصالح، «فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك» وهنا لنا وقفة، هل الأب ينفع أولاده ؟ نقول بنص القرآن نعم. وهل الأم الصالحة تنفع أبناءها؟! نقول نعم بنص حديث المصطفي صلي الله عليه وسلم حينما قال «للمرأة التي قالت له عندي ثلاث فتيات، قال لها: إذا أحسنتي تربيتهن دخلتي الجنة بشفاعتهن» وهنا الحلقة المفقودة لمن أراد البحث. كما تدين تدان. ما فعلته بأبنائك سيفعلونه بأبنائهم فإذا طغا عليك أبواك وحرماك فلا تحرم أبناءك، فيمكنك وقف النزيف وبيدك تغيير المسار. ونكمل الأربعة التي لا خامس لهما، فهي الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن. فللكون أيضاً أربعة اتجاهات شمال وجنوب وشرق وغرب. وحينما خلق آدم،خلق من أربعة عناصر، تراب ومياه وهواء ونار. وحينما ننظر إلي الملائكة المقربين نجدهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل. وحينما ننظر إلي الخلفاء نجدهم أربعة وحينما ننظر إلي أئمة التشريع نجدهم أربعة. فحينما خلق الجسد من أربعة، تغذي علي نفس الأربعة ولا شيء خرج منها. فعمر الإنسان أربعة، طفولة وصبا وشباب وكهولة. فصول السنة أربعة. فعالم الأربعة عالم كبير ولكن علي رأسهم حروف اسم الله وحروف اسم سيد ولد آدم.
أما الخمسة التي لا سادس لها، فهي أركان الإسلام وأقوي شيء في الأركان أوله وهي الشهادة «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله» وهنا التوحيد، فلابد من تكملة الشهادة.وتأتي بعدها إقامة الصلاة، والصلاة هنا تعني الصلة بين العبد وربه بصدق وتركيز وخشوع. وليست باعتبارها واجباً. ثم يأتي الركن الأضعف وهو إيتاء الزكاة، فالزكاة تعمم علي الفقراء والأغنياء بنسبة من أموالهم. فإذا قالوا نسبة الزكاة وحددوها فلينفق كل من سعته. ونأتي إلي الركن الأضعف وهو صوم رمضان، وفيه رخص كثيرة ،ثم نأتي إلي الأضعف وهو حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. وهنا نعلم أن شهادة «أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمداً رسول الله» هي نقطة الارتكاز.
و الستة التي لا سابع لها هي خلق السماوات والأرض وليس الأراضين كما يشاع فهي الأرض التي نحن عليها فقط. مصداقاً لقوله «ولقد خلقنا السماوات والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب» وهنا اعترض اليهود كعادتهم بقولهم : ان الله تعب في اليوم السابع فاستراح. فرد عليهم «وما مسنا من لغوب» أي من تعب.
أما السبعة التي لا ثامن لها فهي السبع سموات بقوله تعالي«وجعلنا فوقكم سبعاً طباقا فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير». وسوف يكون لنا وقفة في المقالة القادمة عند السبعة لأن الإنسان له سبع من الأنفس علي رأسها الأمارة بالسوء.
ظننا أن ماء الغيب ملح وجدنا الغيب طيب الطيبات.. سلاما يا أبا الزهراء أمانا طرقنا باب خير الشافعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق