الخميس، 17 سبتمبر 2009

وإذ ملئت لك الدنيا نفاقا ..وضاقت بالغباوة والتغابي!!

في دراستي الجامعية دأب أساتذتي الأجلاء علي نصحي وإرشادي إلي صقل موهبتي عبر كثرة القراءة وسعة الإطلاع وجدة المتابعة للأحداث إذ أن هذه السلسلة من الممارسات المعرفية والثقافية تمثل في مجملها حجر الأساس في التكوين القويم والجاد لاي ممارس لمهنة الصحافة مقروءة كانت أو مرئية أو مسموعة ولله الحمد فقد مثلت هذه التمارين الثقافية والفكرية دأبي وديدني طوال فترة دراستي الجامعية..أربع سنوات بين جدران مكتبات كلية الأداب بالمنيا بإختلاف أقسامها وأنا أقرأ وأتصفح وألتقط من بين الكتب المختلفة ما حسبته زادي في رحلتي المرتقبة فور التخرج..أربع سنوات أتابع ماتصدره دور النشر بإختلاف تحيزاتها وانتماءاتها مع اتفاق مع رؤية واختلاف مع أخري..كنت أشاهد القنوات الإخبارية بما يفوق مشاهدة المراهقين نظرائي لقنوات الفيديو كليب ..وكنت أتابع البرامج الحوارية كما لو أنني مستشار لأحد هؤلاء الجاثمين علي صدورنا شعبنا العربي من محيطه المختل إلي خليجه المحتل ..صحبت قامات فكرية من مختلف الاتجاهات عبر كتاباتهم التي ظلت تؤكد حضورهم رغم غيابهم عن حياتنا منذ سنوات ربما فاقت سنوات عمري التي تجاوزت العقدين بقليل ..وجدتني أكبر من سني كما يقولون وأكتبها ولا أدعي ماليس لي بل أجرؤ علي كتابتها بعدما ذكره لي مفكر بحجم السيد ياسين الذي ذهبت لمحاورته في مكتبه بمركز الأهرام للدراسات وحينما علم بنشأتي وقصة دخولي ومعاناتي الشخصية في مجال الصحافة ما كان منه سوي وصفي "بالشخصية الفريدة" أجرؤ علي كتاباتها بعد شهادات من كتاب وروائيون ونقاد كبار امثال الدكتور صلاح فضل والدكتورة رضوي عاشور والأستاذ جمال الغيطاني والأستاذ يوسف القعيد وغيرهم ..وللأسف الشديد فقد ثبت لي مؤخرا أننا في بلدنا المنكوب نعاقب علي تميزنا وكفاءتنا كما كتب مرة الدكتور سعيد اللاوندي ناقلا عن الراحل الدكتور عبدالرحمن بدوي الذي قال له في باريس بأنه بقدر ماكان رأسك فارغا ولارأي لك ولارؤية بقدر ماكانت فرص ارتقاءك كبيرة في هذا البلد !!
نعم ثبت لدي ذلك وبات بديهيا عندي ونصيحتي للمتفوقين في مجالاتهم إما أن تتدربوا علي ممارسة التطبيل والنفاق والتغابي مع إخفاء وتسفيه ماأنجزتموه فكريا وإما ان تبحثوا عن بلد يقدر المتفوقين والمتميزين بعيدا عن هذا البلد الذي صارر مضرب الأمثال في نافخي البوق وضاربي الدفوف رواد المرحلة المباركية بكل مفرداتها وتفصيلاتها وانتماءاتها ومذاهبها من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار ..وبئست بلد يندم المجتهد فيه علي اجتهاده ويحذر الجادون فيه عاقبة جدهم ..ولله در أحمد شوقي قائل البيت الذي عنونت به هذه السطور!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق