السبت، 26 يونيو 2010

اقرءوا وقاحة جريدة الجمهورية في تقريرها عن مظاهرات الإسكندرية


درس قاس من الإسكندرانية لجمعية التغيير
مسرح عرائس البرادعي سقط بالثلاثة
فتيات جميلة وبثينة أفسدن صلاة الجمعة
مدير الوكالة السابق ونافعة ونور تركوا أنصارهم في الحر لتناول الغداء في مطعم فاخر
الإخوان هربوا من المهزلة.. وحقائق مفزعة حول أسرة القتيل
الاسكندرية - كريم صلاح:
أعطي السكندريون درسا قاسيا للبرادعي وأنصاره من جمعية التغيير بغيابهم عن المسرحية السياسية التي أعدها مع رفاقه بمسجد سيدي جابر حيث كان يروج أن الملايين سوف يكونون في انتظاره ولم يزد عدد من انتظره علي 400 شخص. كما كشف غياب الإخوان عن ساحة المسجد وحضور عدد لا يزيد علي 100 منهم عن الموقف الحقيقي للبرادعي في الشارع ولم يتجاوز عدد الذين تجمعوا لاستقباله 400 نصفهم من حركة 6 أبريل والغد الذين حضروا من القاهرة مع أيمن نور والبرادعي للتغطية علي خفوت الاستقبال. وقد تحولت صلاة الجمعة إلي هرج ومرج بفعل أنصار الجمعية الوطنية للتغيير حيث تجمعت فتيات جميلة اسماعيل وبثينة كامل بمدخل المسجد ومنعن المصلين من الدخول ووزعن منشورات الحركة وطالبن بعقد لقاءات تليفزيونية للحديث عن خالد سعيد. اعتلي شباب الحركة سور المسجد مطالبين بسرعة انهاء الصلاة.. وفي داخل المسجد لم يكن الأمر مختلفا حيث فوجيء المصلون بأحد أنصار الحركة يحاول أن يصعد المنبر لولا أن المصلين تصدوا له. وبعد الصلاة انطلقت الهتافات التحريضية لأنصار جمعية التغيير والغد و6 أبريل ولم يستمعوا لنداء إمام المسجد بتأجيل الهتافات لدقائق احتراما لجنازة كانت بالمسجد ورفض أعضاء الحركة طلبه وانطلقوا في هتافهم حتي خرج من المسجد أبطال مسرحية العرائس السياسية أيمن نور وحسن نافعة وأسامة الغزالي حرب وحمدين صباحي وصابر أبو الفتوح يرفعون أيديهم لأعلي في حركة مسرحية يؤديها الممثلون عند تحية الجمهور وعلي مسافة قريبة كان في انتظارهم أبو العز الحريري الذي حرص علي الظهور علي خشبة المسرح بالهتاف ضد النظام ولم تستمر الوقفة أكثر من نصف ساعة ولم يتصد الأمن للمتظاهرين وتركهم في حرية كاملة. ووسط التزاحم من أعضاء الحركة حول أبطال المسرحية خرج الدكتور البرادعي من المسجد بسرعة ليخترق الكردون الأمني دون أن يرد التحية علي أنصاره وتوجه إلي مطعم جانجل بسيارته المرسيدس الفارهة ليتناول غداءه مع أبطال المسرح العبثي. تاركين شباب الحركة تحت حرارة الشمس الشديدة يطلقون الهتافات المدربين عليها وهم يرفعون صور قتيل البانجو خالد سعيد. ووسط الزحام ظهرت جميلة اسماعيل التي أعلنت أمام كاميرات التليفزيون ان تقرير اللجنة الثلاثية التي شكلها النائب العام لاعادة تشريح جثة خالد سعيد وانتهي إلي أن الوفاة بسبب ابتلاعه لفافة بانجو لا يخصهم وانهم سيضعونه في سلة المهملات في تحد غريب لسلطة القانون واجراءاته مدعية انهم يشكلون لجنة ثلاثية أخري من أطباء من خارج مصلحة الطب الشرعي لتشريح الجثة. أعلن أيمن نور لعدد من أنصاره علي كافتيريا بمنطقة استانلي انه يقوم بتجميع مبلغ 120 ألف جنيه لاعطائها لأحد الأطباء الشرعيين الذين خرجوا للمعاش لاعداد تقرير مغاير لتقرير الدكتور السباعي. كان البرادعي قد توجه لمنزل أسرة خالد سعيد بكليوباترا حيث قدم تعازيه وكشفت تلك الخطوة منه والاهتمام الأمريكي بالقضية معلومات جديدة حول أسرة خالد سعيد وهي ان شقيقه أحمد الذي سافر إلي أمريكا منذ سنوات كان قد تنازل عن جنسيته المصرية ليحصل علي الجنسية الأمريكية وأصبح اسمه اليكسندر ستيفان وعندما حاول خالد سعيد السفر له غير اسمه أيضا إلي خالد استيفان وسجله في ادارة الهجرة الأمريكية. الغريب ان أعضاء الجماعة المحظورة وقفوا خلف تلك القضية الكاذبة الخاصة بوفاة خالد سعيد برغم علمهم بجنسية شقيقه وتنازله عن الجنسية المصرية.
وطبعا يبقي لنا تعليق :
معلوم أن الجنسية الأمريكية التي يتمتع بها بعض وزراء مصر العظمي لا تسقط الجنسية الأصلية لحاملها فما الداعي منطقيا أن يتنازل الشهيد أو شقيقه عن جنسيتهما ؟! مع العلم أن السيد وزير إسكان مصر العظمي أحمد المغربي يتمتع بالجنسية السعودية التي تسقط عن حاملها أي جنسية سواها يعني لدينا وزير سعودي في حكومتنا العظمي فأهلا وسهلا بحكومة السيد نظيف في بلدها الثاني مصر .. هذا أولا ، وثانيا وحتي عاشرا أنا أطالب المحرر الحليوة بتاع الجمهورية أن يراجع معلوماته عن طبيعة علاقة نظام ولي نعمته السيد الرئيس بالإدارة الأمريكية منذ عهد السادات بتاع 99 % من اللعبة أصبحت في يد أمريكا وإن كان يجهل فليرسل لي بريدا لإفادته بما سوف يسعده قطعا من معلومات ، وفيما يخص أسلوب الردح والغنج فتلك نبرة عرفت بها الجمهورية وعرف بها محرروها فلا يضيرنا علي الإطلاق نبح الكلاب ما دامت آمالنا وطموحاتنا تعلو بنا فوق السحاب وصباح الفل ياوطني

الجمعة، 25 يونيو 2010

عمرو بن العاص .. بقلم سناء البيسي

حمامة الأيك هجرت أيكها وطارت إلي معسكر الفارس المغوار الذي حمل الإسلام في ركابه إلي أرجاء المعمورة لتحط فوق خيمته بعد فتح حصن بابليون قبل انطلاق جيوشه لاستكمال مسيرة النور.
لتصل إلي بلاد الصين والروس وقلب أوروبا ومجاهل أفريقيا‏..‏ تحط الحمامة تبني عشها وتضع بيضها وتلقم أفراخها بخيرات منقارها‏,‏ ويأمر ابن العاص جنوده بجمع كل الخيام إلا خيمته كي لا تروع ذات الجناحين التي وجدت في حماه أمانها وأمن أفراخها‏,‏ وكيف لا وهو من قال عنه الرسول صلي الله عليه وسلم‏:‏ أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص‏,‏ وتلتف المدينة الناشئة كالسوار حول المعصم من حول الخيمة المختارة ليغدو اسمها الفسطاط ومعناه الخيمة الكبري التي تشهد علي مدي ما قدمه الإسلام للعرب من حضارة ورقي إنساني‏..‏ ويشهد شاهد من أهلها‏..‏ أهل الفسطاط وبابليون والروضة والإسكندرية وأهل مصر بكذب الأقاويل حول انتشار الإسلام بالقهر‏,‏ فهذا الشعب المصري ليس بالذي يتحول عن دينه ولغته بسبب قهر يتعرض له‏,‏ فقد ظلت الإمبراطورية الرومانية بكل عنفوانها علي مدي ثلاثة قرون من الاضطهاد لم تستطع فيها أن تعيد المصريين للوثنية بعد اعتناقهم المسيحية لدرجة أن الأقباط اتخذوا بداية للسنة القبطية ما يسمي تاريخيا بعصر الشهداء‏,‏ وهو عصر دقلادينيوس تخليدا لما واجهه الأقباط في هذا العصر من أهوال‏,‏ وبعد اعتناق الرومان للمسيحية عجزت الإمبراطورية الرومانية عن تحويل المصريين ليس عن دينهم هذه المرة‏,‏ بل حتي عن مذهبهم المسيحي رغم أربعة قرون أخري من الاضطهاد‏.‏لم يكن عمرو بن العاص من اخترع عزيمة الإقدام علي فتح مصر‏,‏ فقد كان فتحها في حكم الواقع المفروغ منه منذ سنين‏,‏ لكنه رأي الآية بعينيه‏,‏ وأن الأوان المحتوم قد لاح ليغدو في حكم المعلوم منذ أن تنبأ الرسول صلي الله عليه وسلم جازما لصحابته‏:‏ ستفتحون مصر فهي أرض يسمي فيها القيراط‏,‏ فاستوصوا بأهلها خيرا‏,‏ فإن لهم ذمة ورحما‏,‏ وإذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا جندا كثيفا‏,‏ فذلك الجند خير أجناد الأرض‏..‏ فسأل أبوبكر رضي الله عنه‏:‏ ولم يا رسول الله؟ قال عليه السلام‏:‏ لأنهم وأزواجهم في رباط إلي يوم القيامة‏..‏ لقد رأي عمرو بن العاص مصر بعين العبقرية التي تفسر الحلم بوحي الإلهام‏,‏ وقد كان يزور بيت المقدس في سياحاته التجارية ليصغي إلي حجاجه ورهبانه المقيمين فيه فيسمع أخبارا تنم علي ما في مصر من قلق الرعية وضعف الرعاة‏,‏ وغضب المصريين من الروم‏,‏ وأن الحصون مهملة‏,‏ والدساكر معطلة‏,‏ والجنود يعيشون بين شعب يبغضهم ويجهر بعدائهم‏..‏ ولأنه لم يكن كأي سائح لامتيازه بنفاذ البصر وبلوغه مرتبة الحظوة عند بعض الأمراء الذين كانت له تجارة في بلادهم مثل نجاشي الحبشة الذي ألفه واستقبله بين خاصة أهله ودعاه بالصديق‏,‏ ولأنه كان قد زار مصر في جاهليته مرات ووصل تخومها فلاشك أنه قد علم من أخبارها في جاهليته وبعد إسلامه الكثير‏,‏ ويروي عنه أنه بينما كان يرعي إبله وإبل أصحابه في جبال بيت المقدس إذ أقبل عليه شماس يكاد يهلك من العطش فسقاه عمرو حتي روي وتركه ينام مستريحا إلي جواره‏,‏ وإذ بحية عظيمة تخرج للنائم قتلها عمرو قبل أن تصل إليه‏,‏ فاستيقظ الشماس وشكره قائلا‏:‏ لقد أحياني الله بك مرتين‏:‏ مرة من العطش‏,‏ ومرة من الحية فكم ترجو أن تربح من تجارتك؟ فأجابه عمرو أشتري بعيرا لتكون لي ثلاثة أبعرة‏,‏ فسأله الشماس‏:‏ كم دية أحدكم بينكم؟ فأجابه‏:‏ مئة من الإبل‏..‏ فعاد يسأله عن مقابلها بالدنانير فأجابه بأنها ألف دينار‏..‏ عندها دعاه الشماس للإسكندرية بلده ليعطيه الديتين‏,‏ فعاد عمرو يسأله عن مدة الرحلة فأجابه بأنها شهر يستغرق فيها ذهابه عشرا‏,‏ وإقامته عشرا‏,‏ وعودته في عشر‏..‏ فانطلقا‏..‏ حتي انتهيا في الإسكندرية ليري عمرو في عمارتها وثروتها عجبا‏,‏ ووافق دخوله إليها عيدا يجتمع فيه أمراؤها وأشرافها يترامون بكرة من ذهب يدركون أن من تقع في كمه لا يموت حتي يغدو ملكا عليهم‏..‏ فلما جلس عمرو والشماس علي مقربة من الملعب أقبلت الموعودة تهوي حتي وقعت في كم عمرو ولأنها أبدا لم تكذبهم خبرها تساءلوا عجبا كيف يغدو هذا الأعرابي ملكا علينا؟‏!!‏ وحدث الشماس قومه حديث إنقاذه فجمعوا له المال الذي وعده به ورده مكرما إلي أصحابه‏..‏ تلك إحدي القصص المرجعية لزيارة عمرو للديار المصرية قبل فتحها‏,‏ إلي جانب أخريات منها ما رواه الكندي من أنه كان يحمل تجارته إليها كما يحملها إلي بيت المقدس والشام‏..‏وليتنا أبناء الأمس عندما لم تكن مياه النيل أزمة ولا مؤتمرا خادعا‏,‏ ولا مطمعا ولا سدا عاليا يكبل ذهب الأرض الأسود ويعوق مسيرة الأزل فيتصدع الشاطئان وتسقط النخلتان ويجف وجه التربة لا يخفي تجاعيد السنين‏..‏ ليتنا أيام عمرو في وصفه مصر للفاروق‏:‏ مصر تربة غبراء‏,‏ وشجرة خضراء‏,‏ طولها شهر‏,‏ وعرضها عشر‏,‏ يكنفها جبل أغبر‏,‏ ورمل أعفر‏,‏ يخط وسطها نهر ميمون الغدوات‏,‏ مبارك الروحات‏,‏ يجري بالزيادة والنقصان‏,‏ كجري الشمس والقمر‏,‏ له أوان‏,‏ تظهر به عيون الأرض وينابيعها‏,‏ حتي إذا عج عجاجه‏,‏ وتعظمت أمواجه‏,‏ لم يكن وصول بعض القري إلي بعض إلا في خفاف القوارب‏,‏ فإذا تكامل في زيادته نكص علي عقبه‏,‏ كأول ما بدأ في شدته‏,‏ وطما في حدته‏,‏ فعند ذلك يخرج القوم ليحرثوا بطون أوديته وروابيه‏,‏ يبذرون الحب‏,‏ ويرجون الثمار من الرب‏,‏ حتي إذا أشرق وأشرف‏,‏ سقاه من فوق الندي‏,‏ وغداه من تحته الثري‏,‏ فعند ذلك يدر حلابه‏,‏ ويغني ذبابه‏,‏ فبينما هي يا أمير المؤمنين ورقة بيضاء‏,‏ إذا هي عنبرة سوداء‏,‏ وإذا هي زبرجدة خضراء‏,‏ فتعالي الله الفعال لما يشاء‏..‏ والذي يصلح هذه البلاد وينميها ألا يقبل قول خسيسها في رئيسها‏,‏ وألا يستأدي خراج ثمرة إلا في أوانها‏,‏ وأن يصرف ثلث ارتفاعها في عمل جسورها وترعها‏..‏ فإذا تقرر الحال مع العمال في هذه الأحوال‏,‏ تضاعف ارتفاع المال‏,‏ والله تعالي يوفق في المبتدأ والمآل‏..‏ولقد تنال شهادة الأشخاص علي مدي التاريخ بعضا من خدوش أو اعوجاج لصالح أحد الأطراف‏,‏ لكننا أمام الوثائق لابد وأن ننحني احتراما للحقائق المجردة‏,‏ وحول الادعاء بالظلم والقهر الذي وقع علي أهل مصر خلال الفتح العربي ترد شهادة البروفيسور النمساوي جرومان عام‏1930‏ التي يقدم فيها أقدم المستندات في عهد الإسلام‏,‏ حيث تبرز بردية محفوظة في معهد البرديات بفيينا تحمل رقم‏558‏ تسمي بردية هناسيا وتعود إلي عام‏21‏ هـ عبارة عن عقد شراء بين قائد جيش المسلمين عمرو وأهالي إحدي قري محافظة بني سويف ومحدد في العقد شراء‏55‏ رأسا من الضأن مبينا به ثمن الرأس والتزام القائد العربي بسداد الثمن‏,‏ ويعقب جرومان في محاضرته بالجمعية الجغرافية في مصر علي هذه البردية بقوله‏:‏ ربما تتصورون أن الإسلام انتشر لواؤه بالسيف والطعن‏,‏ علي أن الأسقف يوحنا النيقوسي المسيحي ينقض هذا القول إذ شهد بأن عمرو بن العاص لم يأخذ شيئا من مقتنيات الكنيسة‏,‏ ولم ينهب‏,‏ ولم يأخذ غير الجزية التي اشترط دفعها‏..‏ و‏..‏لم يميز العرب أنفسهم بأرستقراطية يترفعون بها علي أفراد الشعب كما حدث في جميع الحالات التي تعرضت مصر فيها للغزو قبل الإسلام وبعده‏,‏ فلقد ظل الإغريق لثلاثة قرون في مصر يونانا‏,‏ والرومان لستة قرون رومانا‏,‏ والأتراك لخمسة قرون أتراكا‏,‏ وكانوا جميعهم لا يرون في أفراد الشعب إلا عبيدا مكرسين لخدمتهم ــ أدب سيس خرسيس ــ ولكن العرب تمصروا بمجرد اختلاطهم بشعب مصر فانصهر الجنسان انصهارا أنتج الإنسان المصري كما نعرفه اليوم جامعا بين الحسنيين‏:‏ حضارته القومية وحضارة حكامه الجدد‏..‏ ونقطة البداية زرعها عمرو بن العاص عندما شق خليج أمير المؤمنين بين النيل والبحر الأحمر ليغدو ممرا صالحا للتجارة بين مصر والحجاز‏,‏ وبني مسجده الشهير الذي يسمي بالجامع العتيق وبه بيت المال‏,‏ وحلقات درس ووعظ للسيدات تصدرتها في العهد الفاطمي واعظة اسمها أم الخير الحجازية مما يوضح مواصلة رسالة الجامع حتي العهد الفاطمي بعد نشأة الأزهر‏..‏عمرو بن العاص الذي ولد حوالي عام‏580‏ م ومات وقد أوشك علي المئة وكان الفارق بينه وبين ابنه البكري عبدالله اثنتي عشرة سنة فقط‏,‏ فقد تزوج ولم يزل في أولي عتبات الشباب بفتاة من قبيلته سهم اسمها ريطة بنت منية ابن الحجاج التي أنجبت له ابناه عبدالله ومحمد‏..‏ وإذا ما كانت جملة أوصافه التي خرجت من بطون تاريخ العرب تقول بإنه كان أدعج‏,‏ أبلج‏,‏ ربعة القامة أقرب إلي القصر‏,‏ يخضب بالسواد‏,‏ فإننا عندما نرد الماء صفوا من منابعه سنجد عمرو يصف نفسه بقوله‏:‏ إنني الكرار في الحرب‏,‏ وأنني الصبور علي غير الدهر‏,‏ لا أنام عن طلب‏,‏ كأنما أنا الأفعي عند أصل الشجرة‏,‏ ولعمري لست بالمتواني أو الضعيف‏,‏ بل أنا مثل الحية الرقطاء‏,‏ لا شفاء لمن عضته‏,‏ ولا يرقد من لسعته‏,‏ وإني إذا ما ضربت إلا فريت‏,‏ ولا يخبو ما شببت‏,‏ أشد القوم قلبا وأثبتهم يدا‏,‏ أحمر اللواء وأذود عن الحمي‏..‏ وكان عمر بن الخطاب يقول عن مشية عمرو المتعالية الواثقة‏,‏ حيث يرتدي الجبة الموشاة والعمامة المرصعة ما ينبغي أن يمشي أبوعبدالله إلا أميرا‏,‏ وإلي تلك الإمارة والسلطة ظل سعي عمرو إليهما إلي جانب جمع المال دوما‏,‏ باديا منه في الإسلام كما بدا منه في الجاهلية‏,‏ فلم يعرف له موقف قط نزل فيه باختياره عن الرئاسة‏,‏ وظل طموحه بلا حد حتي أنه كان يعزي نفسه بقوله المأثور عنه‏:‏ إن ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة‏,‏ وقضي عمرو خمس سنوات واليا لمصر في خلافة عمر بن الخطاب‏,‏ ويساعده عبدالله بن سعد بن أبي سرح في ولاية الصعيد‏,‏ وعندما تولي عثمان ذهب إليه عمرو ليبايعه في المدينة ويعرض عليه شئون ولايته مؤملا في عزل بن سعد من ولاية الصعيد‏,‏ فأبي عثمان بل اقترح عليه أن يتولي شئون الحرب في مصر ويترك لابن سعد شئون الخراج فأبي قائلا‏:‏ إني إذن كمن يأخذ البقرة بقرنيها ليحلبها غيره وقام عثمان بإقالة عمرو وتثبيت ابن سعد علي ولاية مصر حربها وخراجها‏,‏ وكان أخا لعثمان في الرضاع وليس من دأبه أن يعزل أقرباءه‏,‏ ولم يستكن عمرو بن العاص للعزل وظل يترقب في بيته بفلسطين يوم العودة إلي كرسي مصر الذي يعلم أنه آت لا ريب فيه‏,‏ ويقتل عثمان فيقصد عمرو معاوية بالشام ليرسله إلي مصر علي رأس جيش تعداده ستة آلاف رجل‏,‏ فأقبل عليها فاتحا قبل أن ينالها واليا لا يخفي حبه للمال بل يكشف عنه كلما دعاه داعي الكلام‏..‏ وقد سأله معاوية وقد شاخا وخبت عند كليهما لذات الفحولة وهوس الشباب عما بقي لديه من لذة الدنيا فقال عمرو‏:‏ محادثة أهل العلم وخبر طيب يأتيني من ضيعتي‏..‏ وفي مسامرة أخري للشيخين ــ اللذين وضعهما الشعبي من دهاة العرب الأربعة‏:‏ معاوية‏,‏ وعمرو‏,‏ والمغيرة‏,‏ وزياد‏..‏ فأما معاوية فللأناة والحلم‏,‏ وأما عمرو فللمعضلات‏,‏ والمغيرة للمبادهة‏,‏ وأما زياد فللصغير والكبير ــ عما بقي لديهما من لذات الدنيا فقال معاوية‏:‏ أما النساء فلا أرب لي فيهن الآن‏,‏ وأما الثياب فقد لبست منها حتي وهي بها جلدي فما أدري أيهما ألين‏,‏ وأما الطعام فقد أكلت من لبنه وطيبه حتي ما أدري أيهما ألذ وأطيب‏,‏ وأما الطيب فقد دخل خياشيمي منه حتي لم أعد أدري ما الرياحين وما التمر حنة‏,‏ وما شيء الآن ألذ عندي من شراب بارد في يوم صائف‏,‏ ومن أن أنظر إلي بني وبني بني يدورون حولي‏..‏ فما بقي منك يا عمرو؟‏!‏ فقال ابن العاص‏:‏ مال أغرسه فأصيب من ثمرته وغلته‏!,‏ وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم أدري الناس بحب عمرو للمال قبل أن يعرفه المسلمون أو المشركون بطول المراسي فولاه الإمارة في غزوة ذات السلاسل وقال له وهو يعرضها عليه‏:‏ إني أريد أن أبعثك علي جيشك فيسلمك الله ويغنمك وأزغب لله من المال زغبة صالحة فأجابه عمرو وهو يشفق أن يظن النبي بإسلامه الظنون‏:‏ يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال‏,‏ بل أسلمت رغبة في الإسلام فهون النبي ما خامره من الظن ودفع عنه وهمه قائلا‏:‏ يا عمرو نعم المال الصالح للمرء الصالح‏.‏وقد كان إسلام عمرو مع خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم في وقت واحد‏,‏ وعندما سئل عمرو عن سبب تأخره في دخول الدين الحنيف قال‏:‏ كنا مع قوم لهم علينا تقدم وسن‏,‏ توازي عقولهم الجبال‏,‏ وما سلكوا فجا فتبعناهم إلا وجدناه سهلا‏,‏ فلما أنكروا علي النبي أنكرنا معهم‏,‏ ولم نفكر في أمرنا‏,‏ وقلدناهم‏,‏ فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا في النبي فإذا الأمر يبين‏,‏ فوقع في قلبي الإسلام‏,‏ وقد وردت في صحيح مسلم قصة إسلامه كما رواها بنفسه‏:‏ فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلي الله عليه وسلم فقلت‏:‏ ابسط يمينك لأبايعك‏,‏ فبسط يمينه‏,‏ فقبضت يدي فقال‏:(‏ مالك يا عمرو؟‏!)‏ قلت‏:‏ أردت أن أشترط‏,‏ قال بماذا؟ قلت‏:‏ أن يغفر لي‏,‏ قال‏:‏ أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله‏,‏ وأن الهجرة تهدم ما قبلها‏,‏ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟‏,‏ وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه‏,‏ وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له‏,‏ ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه‏,‏ وقد أسلم عبدالله بن عمرو بن العاص قبل أبيه وكان اسمه العاص‏,‏ فأسماه رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد إسلامه عبدالله‏,‏ وكان له مقام راسخ في العلم واشترك في غزوة العبادلة ودخل أفريقيا وتوفي في مصر سنة ثلاث وستين‏,‏ وكان يكتب ما يسمعه من النبي وله في ذلك‏700‏ حديث ويروي عن حياته‏:‏ زوجني أبي امرأة من قريش‏,‏ فلما دخلت علي‏,‏ جعلت لا أنحاش لها مما بقي بي من القوة علي العبادة‏,‏ فجاء أبي إلي امرأتي يسألها‏:‏ كيف وجدت بعلك؟ قالت‏:‏ خير رجل لم يفتش لي كنفا‏,‏ ولم يقرب لنا فراشا‏,‏ فأقبل علي‏,‏ وعنفني قائلا‏:‏ زوجتك امرأة ذات حسب فأهملتها‏,‏ ثم انطلق يشكوني للنبي فطلبني‏,‏ فأتيته‏,‏ فقال‏:‏ أتصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت‏:‏ نعم‏,‏ قال‏:‏ لكني أصوم وأفطر‏,‏ وأصلي وأنام‏,‏ وأمس النساء‏,‏ فمن رغب عن سنتي فليس مني‏..‏ ويذكر عبدالله بن عمرو‏:‏ جمعت القرآن‏,‏ فقرأته كله في ليلة فقال النبي عليه السلام‏:‏ اقرأه في شهر‏,‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله دعني أستمتع من قوتي وشبابي‏,‏ قال اقرأه في عشرين‏,‏ قلت‏:‏ دعني أستمتع‏,‏ قال‏:‏ اقرأه في سبع ليال‏,‏ قلت‏:‏ دعني أستمتع‏..‏ فنهاه أن يقرأه في أقل من ثلاث‏.‏وليس أطول قامة ولا أبلغ مقاما ولا أنفذ بصيرة من الكاتب العملاق عباس محمود العقاد صاحب العبقريات ليأخذنا معه في قراءته للأعماق إلي مفتاح السر وشمس الوضوح في الشخصية التي يضعها تحت مجهره العقادي الذي يعيد الفروع إلي الأصول والشارد إلي جسم الحقيقة‏,‏ وهو عندما قام بقراءته العقادية للصحابي الجليل عمرو بن العاص الذي داوم علي عمله في التجارة والجزارة إلي ما بعد إسلامه وانقضاء صدر من الإسلام وجده معتدا بنسبه لأبيه العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب الذي يرتفع نسبه إلي قريش حيث يفاخر به علي الخلفاء كعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان‏,‏ بينما لم يكن فخورا بنسبه المغمور من جانب الأم النابغة بنت عبدالله التي أصابتها رماح العرب فبيعت مغلوبا علي أمرها بعكاظ‏,‏ علي عكس أم أخيه الأصغر هشام الذي كانت أمه بنت هشام بن المغيرة من كرائم قريش‏,‏ ومن هنا فقد أنسته عصبيته أن الإسلام ينهي عن كراهية الذرية من البنات‏,‏ عندما أنف أنفة الجاهلية حين رأي معاوية يقبل ابنته عائشة قائلا له‏:‏ من هذه؟ قال معاوية‏:‏ هذه تفاحة القلب‏!‏ فقال له‏:‏ انبذها عنك‏,‏ فوالله إنهن ليقربن البعداء‏,‏ ويورثن الضغائن‏..‏ويتصدي الإمام أبوبكر بن العربي في كتابه القيم العواصم من القواصم ليفند واقعة التحكيم التي يدان فيها عمرو بن العاص بقولهم إنه اجتمع بأبي موسي الأشعري في دومة الجندل للتفاوض الذي أسفر علي أن يخلعا معا عليا ومعاوية‏,‏ فقال عمرو علي سبيل الاحترام للأشعري اسبقني بالقول‏,‏ فتقدمه قائلا‏:‏ إني خلعت عليا كما أخلع سيفي هذا من عاتقي‏,‏ وعقب عمرو‏:‏ إني أثبت معاوية علي الأمر كما أثبت سيفي هذا في عاتقي‏,‏ فأنكره موسي وتفرق الجمع علي اختلاف وشقاق‏..‏ ويرد القاضي بن العربي المالكي بأن كل هذا كذب ومحض افتراء وما جري منه حرف قط‏,‏ وإنما اخترعه المبدعون ليتوارثه أهل الجهارة والبهتان‏,‏ ويأتي بعدهم جمع من المستشرقين المغرضين لترديده للطعن في المسلمين وتصور تاريخهم بأنه مجرد صراع علي السلطة والسيادة والنفوذ‏.‏ وبإخضاع الرواية للنقد والتحليل بجهود الأئمة الثقاة لوحظ أمران‏..‏ ضعف سندها واضطراب متنها‏,‏ وأما سندها ففيه الراويان متهمان في عدالتهما‏,‏ أبو مخنف لوط بن يحيي‏,‏ وأبوجنان الكلبي‏..‏ الأول ضعيف وليس بثقة وقال فيه الإمام أبوحاتم‏:‏ متروك‏,‏ وقال فيه الدارقطني‏:‏ ضعيف‏,‏ وقال فيه ابن معين‏:‏ ليس بثقة‏,‏ وقال فيه ابن عدي‏:‏ محترف في شق الصفوف‏,‏ وقال فيه الذهبي‏:‏ إخباري تالف لا يوثق به‏..‏ أما الثاني أبوجنان الكلبي‏:‏ فقد قال فيه ابن سعيد‏:‏ كان ضعيفا‏,‏ وقال البخاري وأبوحاتم‏:‏ ضعيف‏,‏ وقال عثمان الدارمي‏:‏ ضعيف‏,‏ وقال النسائي‏:‏ ضعيف‏..‏ ذاك من ناحية السند‏,‏ أما من ناحية المتن فهناك أمور كثيرة تبطل رواية التحكيم المزعومة في أن يكون أبو موسي الأشعري ضحية خديعة عمرو منها ما ينافي الحقائق الثابتة عن فطنة الأشعري وفقهه وعلمه مما جعله يتولي الحكم والقضاء في الدولة الإسلامية منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم‏,‏ فقد استعان به النبي علي زبيد وعدن‏,‏ واستخدمه عمر بن الخطاب علي البصرة وبقي واليا عليها إلي مقتل عمر‏,‏ وكذلك عينه عثمان بن عفان واليا علي الكوفة حتي مقتله‏,‏ وأقره علي رضي الله عنه بعدها‏,‏ ومما يؤكد عدم صحة الرواية ما ذكره الشعبي عن وصية عمر في مواقف الصحابة في الفتن التي كتب فيها ألا يقر عامل أكثر من سنة‏,‏ وأقروا الأشعري أربع سنين‏,‏ ومن مكانة أبي موسي في الفقه والسنة أن عمر قد خصه بكتابه المشهور في القضاء وسياسة الحكم‏..‏ فكيف يتصور غفلته إلي هذا الحد فلا يفقه حقيقة النزاع الذي كلف بالحكم فيه‏,‏ وصدر فيه قرار لا محل له‏,‏ وهو قرار عزل الخليفة الشرعي بدون مبرر يسوغ هذا العزل‏..‏ أما في شأن عمرو بن العاص أحد أذكياء العرب وحكمائهم ألا يكفي أمر الرسول له أن يقضي بين خصمين في حضرته‏,‏ وأنه بشره حيث سأله‏:‏ يا رسول الله أقضي وأنت حاضر؟‏!‏ بأن له إن أصاب أجران وإن أخطأ أجر واحد‏.‏الوالي والواعظ والوالد والزعيم والفارس والسياسي والفلكي والحكيم عمرو بن العاص الذي لم يترك قضية اجتماعية أو بيئية أو سياسية أو حتي قضية تنظيم الأسرة ورعاية الحيوان إلا وطرقها ناصحا ومرشدا منتهزا في ذلك فترة وقوفه فوق المنبر في أيام الجمع‏..‏ ومن نصائحه المنبرية قوله‏:‏ يا معشر الناس إياكم وخصالا أربعا فإنها تدعو إلي التعب بعد الراحة‏,‏ والضيق بعد السعة‏,‏ والذل بعد العز‏..‏ إياكم وكثرة العيال‏,‏ وانخفاض الحال‏,‏ وتضييع المال‏,‏ والقيل بعد القال‏,‏ فلابد للمرء من وقت فراغ لراحة بدنه‏,‏ وتدبير شأنه‏,‏ وتصفية نفسه من الشهوات‏,‏ ولا يضيع المرء في فراغه نصيب نفسه من العلم فيكون من الخير عاطلا‏,‏ وعن حلال الله وحرامه عادلا‏..‏ يا معشر الناس قد تدلت الجوزاء‏,‏ وارتفعت الشعري‏,‏ وأقلعت السماء‏,‏ وارتفع الوباء‏,‏ وقل الندي‏,‏ وطال المرعي‏,‏ ووضعت الحوامل‏,‏ وأورق الشجر‏,‏ وعلي الراعي حسن النظر‏..‏ فحيي بكم علي بركة الله إلي ريفكم فتنالوا من خيره ولبنه‏,‏ وخرافه وصيده‏,‏ وأربعوا خيلكم‏,‏ وأسمنوها‏,‏ وصونوها‏,‏ وأكرموها‏,‏ فإنها جنتكم من عدوكم‏,‏ وبها تنالون مغانمكم وأنفالكم‏,‏ واستوصوا بمن جاورتم من القبط خيرا‏,‏ وإياكم والمشمومات المعسولات‏,‏ فإنهن يفسدن الدين ويقصرن الهمم‏,‏ وكفوا أيديكم وغضوا أبصاركم فلا أعلمن ما أتاني رجل قد أسمن جسمه وأهزل فرسه‏,‏ واعلموا أنني معترض الخيل كاعتراض الرجال‏,‏ فمن أهزل فرسه من غير علة حططته من فريضته قدر ذلك‏,‏ واعلموا أنكم في رباط إلي يوم القيامة‏,‏ لكثرة الأعداء حولكم‏,‏ ولإشراف قلوبهم إليكم وإلي داركم‏,‏ واحمدوا ربكم معشر الناس علي ما أولاكم‏,‏ وأقيموا في ريفكم ما بدا لكم‏,‏ فإذا يبس العود‏,‏ وسخن العمود‏,‏ وكثر الذباب‏,‏ وحمض اللبن‏,‏ وصوح البقل‏,‏ وانقطع الورد من الشجر‏,‏ فحيي علي فسطاطكم علي بركة الله‏..‏ ووصيتي إليكم ألا يقدمن أحد منكم ذو عيال علي عياله إلا ومعه تحفة لعياله يلهون بها‏,‏ علي ما أطاق من سعته أو عسرته‏..‏ أقول قولي هذا واستحفظ الله عليكم‏..‏وكمثل حمامة الأيك التي لجأت لخيمة ابن العاص لطلب الأمان بعد فتح حصن بابليون‏,‏ فهناك حمامة مصرية أخري لم تجد سوي خيمة عمرو ملجأ عندما وقعت أسيرة جنوده فحملوها إليه ليرسلها إلي أبيها المقوقس معززة مكرمة‏..‏ أرمانوسة المصرية التي خطر لأبيها أن يزوجها بقسطنتين بن هرقل الأكبر ووارث عرشه الذي ماتت زوجته‏,‏ وأن يزودها بجهاز يغريه بإهمال المتأخرات المتبقية عليه من ضرائب مصر التي لم يدفعها للخزينة الإمبراطورية ــ وكان هرقل في شيخوخته وقتها دائم الندم معذبا بوسواس الخطيئة لعلاقته بابنة شقيقته مرتينة وهو أمر محرم في دينه ــ وإذ استراح قسطنتين للفكرة الغناء بعدما بلغه جمال عروس النيل سليلة رعمسيس خرج إليه موكب العروس في أواخر سنة‏630‏ م يزفها ألفا حارس وتحفها حملة الهدايا والعطايا والجواهر والنفائس من العبيد‏,‏ لكنها ما أن وصلت لحدود مصر مغادرة لها‏,‏ وكادت تعبر القنطرة عند الإسماعيلية‏,‏ حتي بلغتها انتصارات العرب الذين شددوا الحصار علي عريسها هناك في قيصرية فطرحت حلي العرس وزينة الفرح‏,‏ وتقلدت السيف بدلا من الوشاح‏,‏ وتمنطقت بمعدات الهلاك بدلا من أحزمة الذهب‏,‏ ونزلت من مركبتها المطهمة لتمتطي متن جواد أشهب‏,‏ وظلت داخل بلبيس شهرا كاملا تقاوم بضراوة حتي وقعت أسيرة فساقوها لخيمة المنتصر‏..‏ عمرو بن العاص الذي استأذن يوما علي فاطمة رضي الله عنها‏,‏ فأذنت له فسأل‏:‏ ثم علي‏,‏ قالوا‏:‏ لا‏..‏ فرجع‏,‏ ثم استأذن عليها مرة أخري فسأل كذلك‏:‏ ثم علي؟ قالوا‏:‏ نعم‏..‏ فدخل‏..‏ فقال له علي‏:‏ ما منعك أن تدخل حين لم تجدني هاهنا؟ قال‏:‏ إن رسول الله نهانا أن ندخل علي المغيبات‏..‏عمرو بن العاص الذي أنهي حياته بالحكمة والموعظة الحسنة بقوله لابنه عن الإمامة والحكومة‏:‏ يا بني‏!‏ إمام عادل خير من مطر وابل‏,‏ وأسد خطوم خير من إمام ظلوم‏,‏ وإمام ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم‏..‏ يا بني‏!‏ مزاحمة الأحمق خير من مصافحته‏..‏ يا بني زلة الرجل عظام تجبر‏,‏ وزلة اللسان لا تبقي ولا تذر‏..‏ يا بني‏!‏ استراح من لا عقل له‏!‏

الأربعاء، 23 يونيو 2010

صرخة المخاض !

لم يسعدني حظي بمشاهدة أمي وهي تصرخ صرخة مخاضها حينما ولدتني ، ربما سمعتها وأنا في طريقي إلي الوجود الإنساني وربما لم أسمعها مطلقا لإنشغالي حينها بالصراخ المتواصل طلبا للغوث نجدة من أيدي الداية وهي تعبث بأجزاء من جسدي تؤكد انتمائي للنوعية المفضلة من الذريّة لدي الصعايدة وربما لدي المصريين عموما وهي نوعية الذكور !!
ورغم استماعي بين لحظة وأخري طيلة حياتي التي قاربت أربعة وعشرين عاما لعدة صرخات لعدد من الإناث في مخاضهن من الجيران والأقارب إلا أنني أيضا لم أرْ وجوه هؤلاء النسوة حينما كن يصرخن ، إلا أن رغبتي الدفينة بعقلي الباطن في رؤية امرأة وهي تصرخ في مخاضها لسبب لا أعلمه حتي اللحظة قد تحققت أخيرا وإن كان ذلك قد حدث بطريقة كوميدية جدا حيث جاءت الصرخة المخاضية المريعة من حنجرة أحد المنتمين بجدارة لجنس الذكور في مجتمعنا الذكوري الذي ينحني تقديرا واحتراما وتبجيلا لذوات القباب المتفجرة والشفاه المكتنزة بينما لا يلقي بالاً بأيّا من البائسين ممن ظنّوا أن بعض الاجتهاد قل أو كثر يجيز لهم حيازة الاهتمام بدوائر مجتمعنا المثقفة وغير المثقفة !
الصرخة جاءت من حنجرة ذكر !! إلا أن روعتها وشدة وقعها أثارت في نفسي كل المعاني المرتبطة بمخاض امرأة ، فعينيّ الصارخ رغرغت حينها وجحظت بإراداته في محاولة مضحكة منه لإرهابي بينما أنا أحدق في وجهه محاولا بكل طاقاتي الفكرية والعصبية استحضار آخر وجه لأحدي اللواتي صرخن تلك الصرخة منذ وقت ليس ببعيد حيث صحبت أمي حينها في مشوارها لتهنئة السيدة المشار إليها علي مولودها الجديد حيث كان وجهها يتصبب عرقا بعد ساعات من الوضع بينما أمي تمسح علي جبهتها بمنديل أبيض وتسوي بعض خصلات من شعرها أخذن طريقهن علي جبهتها تبعا لمسارات قطرات العرق !
كنت أتذكر وجه السيدة الذي يتصبب عرقا وأنا أحدق في وجه الغاضب الذي اصطنع غضبته لإرهابي دونما سبب واضح حينما كنت أمر بأحدي الطرقات الجانبية المتفرعة من طرقة رئيسية بأحد المولات التجارية الراقية بالقاهرة حيث كنت في طريقي إلي غادة حسناء سبق لي اللقاء بها في أحدي حفلات توقيع الكتب بأحدي المكتبات الشهيرة فما إن رأتني داخل المول المذكور حتي بادرتني بابتسامة تليق بها فرددتها بأحسن منها وزيادة مقررا استلاب لحيظات لنتحادث معا حتي أزيح عن كاهلي تراكمات شعورية سلبية علي مدار اليوم نتيجة لتعاملات لا تخضع لقيم بني الإنسان داخل محيط عملي ، وما إن رآني الصارخ المذكور أعلي تلك السطور في طريقي إلي غادتي ذات العيون الواسعة والبسمة الساحرة حتي أطلق صرخته الخالدة في وجهي سائلا إياي عن وجهتي وهويتي فلما أفاق من صرخته وأفقت من تداعياتها النفسية عليّ أشرت له إلي الغادة إياها فابتسم ببلاهة ثم تركني أمضي في طريقي إليها لأصافحها وتسألني عن سبب صراخ الرجل هذه الصرخة الغريبة فأخبرها بأنها فعلا غريبة كصرخة المخاض فتضحك فتبدو بسمة عينيها أكثر جمالا من بسمة شفاهها لتتركني وتمضي فأتوجه إلي بوابة الخروج لأري الرجل الذي أطلق صرخته إياها مستلقيا علي أحدي الكراسي فاتحا رجليه ورأسه إلي السماء بالضبط كمثل سيدة لم تلبث أن وضعت وليدها !!!!!

السبت، 19 يونيو 2010

صحفي حر ونقابة ليست كذلك !

سراج وصفي صحفي يعمل بجريدة روزا ليوسف ويحمل كارنية نقابة الصحفيين ، وخلافا لسمعة روزا المهنية التي عرفت بها مع تولي الزميل عبد الله كمال رئاسة تحريرها ؛ فإن سراج اكتسب سمعة طيبة خلال الأشهر القليلة الماضية بموقفه الرجولي ، وليس كل الذكور رجال ، أمام تعسف عبد الله كمال الذي قرر نقله للعمل بمكتب الجريدة بالإسكندرية لرفضه نشر إعلان تحريري بصفحة الفن عبارة عن حوار مع مدير قناة فضائية ظهر علي شاشتها المناضل عبد الله كمال كمذيع في وقت لاحق من نشر الإعلان !

السطور السابقة مجرد محاولة متواضعة مني لتلخيص الأزمة مابين سراج وعبد الله ، أما موقف نقابة الصحفيين تجاه تلك الأزمة فلا يكفي لتلخيصه كلام ، فسراج دخل في اعتصامه بمبني النقابة المائة الثانية بعد مرور أكثر من مائة يوم بداية الأسبوع الجاري بينما مجلس النقابة برئاسة النقيب عضو الحزب الوطني " الديمووووقررراطي " الأستاذ مكرم محمد أحمد لم يحرك ساكنا بل تعدي الصمت غير المقبول إلي الانحياز إلي رؤية عبد الله كمال لتجاوز الأزمة وهو انحياز غير معقول ويخالف أي مفهوم لطبيعة العمل النقابي ، ورغم ذلك فهو موقف كان متوقعا من أهله الجديرون به والمعروفون بمثله في أزمات مماثلة ، بل إن وصف السيد النقيب لمن أعطي سراج مفتاح مقر اعتصامه بما لا يليق في أحدي اجتماعات مجلس النقابة بدا معبّرا تعبيرا فعليا عن حال نقابة ارتبط اسمها في وقت ليس ببعيد بالحريات !!

أما الذي يثير الغضب ؛ فهو موقف السادة أرباب القلم من المنادين بالتغيير من الصحفيين علي الأخص فموقفهم لم يزد علي زيارة بعضهم علي عجل للأخ سراج في مقر اعتصامه ثم الانصراف إلي " السبوبة " أو " النحتاية " حيثما كانت ، أما علاقتهم كأعضاء نقابيين بأزمة زميل لهم فربما لم ترد علي خواطرهم وسط حالة تغييب لمفهوم النقابي و اعتبار أغلب الجيل الجديد منا أن عضوية النقابة ليست إلا بضعة مئات نصرفها أول الشهر هي البدل وكتاب مشروع العلاج وخطابات الزميل العزيز محمد عبد القدوس بتهنئة كل منهم علي انضمامه لعضوية النقابة بجدارة وإن كنت أسمح لنفسي بمطالبة أستاذي العزيز بمراجعة حيثياته لاعتبار أن كل المنضمين إلي نقابتنا " جديرا " بانضمامه !!

أقول إن هؤلاء الذين يشتعلون غضبا أمام الكاميرات ضيوفا أو حتى كمقدمي برامج من الصحفيين لا نسمع لهم صوتا ولا نري منهم أحدا ، أين من أعطوا أصواتهم للدكتور ضياء رشوان في انتخابات النقيب الماضية من أزمة سراج ؟ أين نصفهم أو ربعهم ، أين مائة منهم يقفون يوما يعلنوه يوم غضب ضد تسييس نقابتهم وتطويعها ملاكي للحزب الوطني وخدمه وحاشيته صحفيين وغير صحفيين ؟

وفي النهاية أقول بكل صدق إن موقف أقطاب ورموز مشروع التغيير من الصحفيين تجاه الأزمة جعلني أعتقد مضطرا أن أوردتهم لا تحمل لأجهزتهم دما بقدر ما تحمل لأمعائهم عصائر ومرطبات أكثرها الليمونادة !!
وأملي أن أكتشف سذاجة اعتقادي هذا في الأيام المقبلة وإن كنت أظن أن حتى أملي في هذا سيخيب كذلك !!

خارج النص :
قال الشاعر :
الأعاصير ودوس الشوك والضرب والمذلّ
والأعاصير التي في جوف صدري تعتمل
كلها تهتف بي .. كلها تصرخ في أعماق صدري وتدوّي :
ملْ إذا ما اشتقت لاستراخاءة العاهر ملْ
ملْ مع الريح إذا مالت ، وإلا فاحتملْ


الأحد، 13 يونيو 2010

شهيد الطوارئ .. خالد محمد سعيد صبحي


كنت أرغب في كتابة قصة قصيرة عن وفاة هذا الشاب البالغ من العمر 28 عاما بأيدي اثنين من الـ ( ..... ) ، أعترف بأنني الآن في ورطة فلست أدري أي صفة يمكن أن تكون واقعية ومعبرة عن طبيعة مرتكبي جريمة قتل هذا الشاب ، ولأن ذاكرتي لم تسعفني بمسمي يليق بمرتكبي الجريمة فسأستخدم مضطرا مسماهم الوظيفي كما تداولته وسائل الإعلام ، أقول إن الصورتين أعلي هذه الأسطرهما لشخص واحد هو خالد محمد سعيد صبحي قبل خدمة الشرطة المصرية له بواسطة اثنين من مخبريها بقسم سيدي جابر وبعد الخدمة بالإسكندرية ، القصة تتلخص كما أوردتها وسائل الإعلام في أن هذا الشاب توجه صباح أحد أيام الثلاثاء إلي " كافيه نت " بمنطقة كليوباترا بسيدي جابر وبينما هو داخل الكافيه ؛ دخل اثنين من مخبري الشرطة لتفتيش الموجودين وفحص هوياتهم الشخصية بموجب قانون الطوارئ ولأن خالد أبدي اعتراضا أو استفهاما أثار غضب ممثلي الشرطة في خدمة الشعب فإن ممثلي الشرطة في خدمة الشعب تعدوا علي خالد بالضرب والسحل والركل مصحوبا بطبيعة الحال بسيل عرمرم من السباب والشتائم لخالد وأهله وذويه ومواطني منطقته وربما مواطني دولته الذين يستفهمون ويبدون اعتراضا إزاء اجراءات الشرطة في خدمة الشعب التعسفية ، انهار خالد بسبب شدة ماتعرض إليه من عدوان فاعتبر رسل خدمة الشعب أن انهياره تصنعا و" تمثيلية " فاقتادوه خارج مقر الكافيه الذي كان يجلس فيه وواصلوا ممارسة هواياتهم المفضلة في سحل أحد شباب المحروسة بخبط ورذع دماغه علي رخامة حتي كسرت جمجمته ثم اصطحبوه في زيارة سريعة إلي مقر خدمة الشعب بقسم سيدي جابر لتنتهي بإحضاره أمام مقر سكنه بالمنطقة ورميه بمدخل العمارة جثة هامدة لا حراك لها ، ولأن الشرطة في خدمة الشعب تتمتع بحس مرهف لايطيق مشاهدة صورة كتلك التي أعلي هذه السطور - الجريمة - بعد خدمتها للمواطن ، فقد بادر رسل شرطتنا الأماجد باستدعاء سيارة اسعاف تابعة لوزارة حاتم باشا الجبلي مع تنبيه أطباء مستشفي الجبلي وشركاه بأن سبب وفاة خالد محمد سعيد صبحي ليس إلا لتعاطيه أقراصا مخدرة ، طبعا هناك تفاصيل رتيبة مملة لا جديد فيها مثل تقدم الأسرة ببلاغ للنيابة بعد ذلك وإجراء النيابة لتحقيقاتها ومواصلة النيابة لتلك التحقيقات ثم تظاهر بعض الحقوقيين أمام مقر قسم شرطة سيدي جابر واحتجاز وسحل أغلبهم ثم إطلاق سراحهم فيما بعد ، فضلا عن طنطنة بعض البرامج الفضائية عن الحادث واستضافة أحد أباطرة التعذيب ليتحدث كخبير أمني حول الجريمة ، حتي الآن لاأعرف إن كنت كتبت ما أردت قوله أم لا أم أن أسلوبي في الكتابة عن تلك المأساة مفهوما أم لا .. هل يجرؤ أحد ممن مفكري أخر الزمان ليحدثني عن الانتماء بعد جريمة كهذه .. طظ فيك وفي انتماءك لبلد وشعب يطيق هكذا إجرام .. لقد قرأت تعليقات غاضبة كثيرة علي موقع اليوم السابع حول الحادث ، حتي أنا أصف ما جري بالحادث !! ، ولي كلمة أخيرة أود كتاباتها حول هكذا إجرام ، ولتكن كلمتي تساؤلا : ماقيمة برلمان ومعارضة وصحف وكتاب ونقابات إذا مرت هذه الجريمة دون مساءلة للمسئول الحقيقي عن تلك البلطجة ؟! ولا يسألني أحد عن المسئول الحقيقي لأن جميعنا يعلمه جيدا

الخميس، 10 يونيو 2010

تعالوا نمارس قلة الأدب !

اعتبر زميلي وأستاذي فنان الكاريكاتير الكبير سمير عبد الغنى أن سطوري التي كتبتها تحت عنوان " وزراء أم نظّار عزب " ، اعتبرها ، " قلة أدب " وليست سخرية كما كنت أعتقد وأنا أمارس قلة أدبي بحق اثنين من وزراء حكومتنا المصونة ودرة بلادنا المكنونة حكومة نظيف باشا !
الطريف أنني لم أكن أرغب وأنا أمارس قلة أدبي ، بافتراض صحة ما ذهب إليه الأستاذ سمير ، أن أكون ساخرا في كتابتي المشار إليها كما لم أكن أرغب علي الإطلاق في ممارسة رياضة قلة الأدب مع السادة المسئولين ، لأنني ببساطة أراهم الأجدر والأقدر علي ممارسة تلك الرياضة دون غيرهم ، وإذا اعتبرنا وفقا لمعايير الأستاذ سمير ، صاحب الريشة الجريئة ، أن ما كتبته منتقدا عدم تجاوب الوزير والوزيرة - دون حذف الواو من الكلمتين السابقتين - مع الصحافة قلة أدب ؛ فأنا أدعو قراء هذه السطور الافتراضيين بطبيعة الحال بممارسة قلة الأدب علي أوسع نطاق لعلنا نحقق الحد الأدنى من كرامتنا الإنسانية المهدرة علي عتبات وزراء حكومتنا الذين يتقاضون مرتباتهم من جيوب دافعي الضرائب الذين وفق معلوماتي المتواضعة هم أنا وأنت والبقال وبائع الخضار ومعنا الأستاذ سمير وإن كنت أشك بعد اتهامه لي بقلة الأدب في كونه يدفع مثلنا رواتب أعضاء حكومة نظيف باشا !
تعالوا نمارس قلة الأدب .. تعالوا نطالب بحقوقنا في العيش الكريم وحقنا الأصيل في المعرفة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية دون انسحاق أمام قامات المسئولين قصار القامة والقيمة وأتمسك بنعتهم بقصار القيمة بموجب فشلهم المتراكم في إدارة أحوالنا منذ تسلمهم زمام الأمور وحلفهم يمين المسئولية ومنهم بالمناسبة من تولوا مناصبهم قبل أن تري عين كاتب هذه السطور النور ولا يزالون حتى الآن جاثمين علي صدورنا !
وإذا كانت المطالبة بالحقوق ، قلة أدب ، يا أستاذ سمير، وإذا كان انتقاد الغطرسة والبجاحة والفجاجة الرسمية قلة أدب فأنا فخور يا سيدي بقلة أدبي التي لم تفارقني منذ وعيت طبيعة اللصوصية الرسمية التي نحياها ،وإطلالة سريعة علي ملف فساد محمد إبراهيم سليمان وملف إسكان منكوبي السيول في أسوان الذين جمع لهم المهندس ممدوح حمزة 28 مليون جنيه تبرعات وتطوع بمجهوده الشخصي لإنجاز تلك المساكن بقيمة 35 ألف جنيه للوحدة – آه شقة بـ 35 ألف جنيه كاملة المرافق – ومحاربة محافظ أسوان له بمعاونة رجال أعمال رسميين ، أقول بإطلالة سريعة علي هذين الملفين فقط ما يجعلني أفخر بقلة أدبي وأعتبر وصف ما كتبته بقلة أدب وساما علي صدري !!

الثلاثاء، 8 يونيو 2010

وزراء أم نظّار عزب ؟!


اتصلت بأحدي الوزيرات علي هاتفها المحمول لاستيضاح صحة تصريح كانت أدلت به سيادتها لأحدي الصحف ، فأعربت الوزيرة الحاصلة علي الإعدادية عن جهلها بوجود الصحيفة التي أعمل بها ، ثم أنهت الوزيرة الجاهلة مكالمتها سريعا بعد إحالتي إلي أحد مديري مكتبها للتنسيق مع سيادته لإجراء حوار مع السيدة الوزيرة إلا أن سيادة مدير المكتب لم يجب محاولاتي المستمرة لمهاتفته فضاع حق القارئ في تلقي المعلومة عبر أكثر من وسيط إعلامي ؛ هذا بافتراض أن كلام السيدة الوزيرة إياها يدخل ضمن مفهوم المعلومة التي تحمل معني واضحا أكيدا ودلالة صريحة بعيدا عن تصريحات " بفضل توجيهات السيد الرئيس والسيدة حرمه " أو تصريحات " البتاع والبتاعة .." إلخ ..
هذا ما كان من الوزيرة الحاصلة علي الإعدادية مع شخصي المتواضع ولفرط سذاجتي فقد ظللت معتقدا لأسابيع عدة أن سلوك الوزيرة سلوكا شخصيا وليس مطبوعا في نفوس الفضلاء الأماجد أعضاء حكومة نظيف باشا من باقي الوزراء إلا أن تقريرا أخيرا نشرته زميلتي ياسمين بدوي بـ"الكرامة " حول منع دخول الصحافيين حضرة وزير التربية والتعليم نجل الفقيد الراحل زكي باشا بدر وعدم التصريح لهم بشيء واصطفاء نجل البدر لعدد من الصحفيين للدخول عليه كمثل دخول من لم يبلغوا الحلم علينا صباح مساء دون استئذان في منازلنا ، أقول بتقرير زميلتي ياسمين اكتشفت إلي أي مدي بلغت سذاجتي وإلي أي مدي يمكن أن يصل الجهل راكبا الوقاحة ببعض المسئولين ، فالوزيرة والوزير يتعاملان مع الصحافة بمنطق ناظر العزبة الذي لا يملك – وربما يسرق – ولكنه يحكم الداخل والخارج للعزبة التي يديرها لصالح المالك الحقيقي لها فتكون أولويته القصوى إرضاء مالك العزبة وليذهب الباقون إلي الجحيم ، ورغم صحة القياس المتواضع ما بين الوزارات والعزب في العهد المبارك إلا أنني أسمح لنفسي لأختم بسؤال : وماذا لو كان من يتصور نفسه مالكا للعزبة أو بالأدق مالكا لصلاحية إدارتها بالقانون لا يهمه سوي بقائه علي رأس إدارتها واستباحة مواردها وإن كان ذلك بواسطة نظّار أحيانا جهلة وأحيانا مجانين !
إسماعيل الأشول

الأحد، 6 يونيو 2010

الشنطة !


وصلت متأخرا قليلا عن موعد بدء الملتقي الإبداعي الثاني للبريد المصري " دورة توفيق الحكيم " ، وقفت أمام فتاة تسجيل الحضور ، ولا أدري علة اختيار الفتيات تحديدا لتلك المهمة ، قابلتني الفتاة بابتسامة وظيفية لم أجد لها أثرا بداخلي فطلبت منها أوراق الملتقي وقلما لتسجيل بياناتي فاستجابت الغادة الحسناء لطلبي ووقفت في دوري منتظرا حصولي علي حقيبة أوراق الملتقي من أحد شباب هيئة البريد المعني بالحقائب غير أنه غفل عني فبادرته بالسؤال عن الشنطة فلم يجبني فزجرته بنبرة حادة لتغافله عن سؤالي فأذعن اتقاء تفاقم الموقف وتشويه صورة البريد وأهله وأعطاني الشنطة وبها الأوراق والقلم الذي كتبت به هذه الكلمات علي ورقتين استعرتهما من أحدي الجالسات بجواري داخل قاعة الملتقي حيث سعدت بلقاء هالة فهمي ويكفي التعريف بها بأنها قاصة ذات ابتسامة تشيع بداخلي التفاؤل وحب الحياة ، كما سعدت بالتعرف لأول مرة بالكاتبة الصحفية نفيسة عبدالفتاح التي وجدت فيها مشتركا ثقافيا عظيما يجمعني بها ، جلست علي المنضدة التي جمعت ثلاثتنا ثم فؤجئت بأحدي الفتيات التي اختارت لنفسها عبث العمل في صحافة القاهرة مثلي تبادرني بالتحية ؛ ولما لم تكن ذات جمال فلم أزد علي رد التحية بشيء إلا أنها بدت بائسة كئيبة لعدم حصولها علي الشنطة فتظاهرت أمامي بالاهتمام بمافي داخل الشنطة من كتب وأوراق وحصلت مني بالفعل علي بعضها ثم استأذنت بأسي في الانصراف لارتباطها باجتماع في صحيفتها في تمام الثالثة عصرا ، لعنة الله علي الشنطة !!

إسماعيل الأشول