الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

ألف مبروك ..( المقال الأسبوعي )

برغم كل مايحيط بنا من قبح وانحطاط تاريخيين في بلادنا إلا أن واقع الحال يؤكد للجميع أنه لايزال لدينا مايثير بداخلنا الفرح ..البسمة ..الضحك..الحب ..التفاؤل والسرور والبشر ..بل إن شدة الأزمة ذاتها أجدها من مثيرات الأمل بداخلي بحسب ماذكره أديب صومالي في مقولة له مفادها أنه مادمنا قد وصلنا إلي القاع فليس أمامنا سوي الأمل في معاودة الصعودة مرة أخري لأعلي ! مقدمة ربما طالت قليلا قبل أن أكتب لزملائي وزميلاتي الأعزاء والعزيزات جدا " ألف مبروك " بمناسبة قيد أكثر من عشرة منهم في جدول نقابة الصحفيين تحت التمرين قبل أيام قليلة ، ومع طموحي المشروع في نيل حقي في مثل هذا القيد أجدني مغمورا بشعور جارف من السعادة يسيطر علي منذ حضوري حفلة صغيرة أقامها الزملاء والزميلات بصالة تحرير جريدتنا الغراء " الـــكـــرامـــة " وتناولي بطبيعة الحال لعدة قطع من الحلوي والشوكولاه التي أحبها كثيرا ، ومع تأكيدي علي أن مبعث سعادتي لم يكن تناولي للحلوي والشوكولاه بقدر ماكان مالمحته من ألفة وطيب صحبة وصدق مودة في أغلب من اقتربت منهم من الزملاء والزميلات ..مجموعة من الشباب والفتيات في مقتبل حياتهم ، لم يتجاوزوا عقدهم الثاني من أعمارهم بكثير ، كما أن أحلامهم تقليدية جدا كغالب أبناء جيلهم فلو فتشت في أدمغتهم وقلوبهم جميعا لما وجدت أكثر من مرتب معقول وزيجة موفقة في مسكن به قدر مقبول من ضرورات الحياة..حقا كم أنتم رائعون أيها الزملاء ..فخور أنا جدا بسعادتي لنجاح زملائي ..؛ كما يطيب لي أن أهنئ في ختام هذه الأسطر المتواضعة الزملاء محمد سليمان وعماد فواز وفايزة هنداوي ومحمد الحنفي وخالد الشامي وشيماء وآمنة وياسمين وعلياء وعلا وخالد سيد أحمد وأخي محمد رضا بالطبع وغيرهم ممن لم يحضرني ذكرهم ..ألف ألف مبروك ..من كل قلبي ..مبروك ..وفي النهاية اسمحوا لي أن أذكركم جميعا بما قرأته من قبل لأحد الشعراء مخاطبا كل أرباب القلم بالقول : فلا تكتب بكفك غير شئ ٍ ..يسرك في القيامة أن تراه..واصلوا التصويب نحو مرمي الحياة ..واصلوا السير بل والجري نحو الأهداف ..لاتعبأوا بالعوائق اهزأوا بها لتفاهتها وسخفها ..كما لاتنسوا أن مفتاح النجاح الدائم في الدنيا والآخرة هو طاعة الله وبر الوالدين .

الأحد، 20 ديسمبر 2009

المقال الأسبوعي ..(1)

بعد فترة أحسبها طالت من عدم ممارسة الكتابة تعبيرا عن رأيي ورؤيتي بعيدا عن تقارير صحفية
أو تليفزيونية أقوم بكتابتها امتثالا لواقع مهنتي الصحفية ، قررت اليوم العودة لما كنت عليه أيام الجامعة من كتابة دورية لمقال أعبر فيه عن ذاتي وأنقل خلاله رؤيتي لواقع أحياه أؤثر فيه وأتأثر به ، وإن كان لدي قاريئ شك في تأثيري فيه فليوفر علي نفسه عناء مواصلة هذه الكلمات !


ليس تدللا مني علي القاريء أن أكتب بهذه الطريقة ، كما أنه ليس صلفا أو غرورا أو نرجسية يظنها البعض مستحقة لأرباب القلم أدباء كانوا أو كتابا أو مرتزقة يكتبون بالأمر المباشر حينا وبغير المباشر أحيانا .

قراري بهذه العودة هو قرار لإعادة التأكيد علي وجودي ..علي آدميتي ..علي إنسانيتي ..علي وطنيتي ..وعلي كينونة يقلل بعض أصفار القوم منها وهم الذين بلغوا من العمر أرذله وهم يفتشون عن كينونتهم فلايجدونها إلا عابسة ضجرة كارهة للحياة والبهجة ولكل براعم الزهر الطامح لشغل مكانه المقدر له في هذه الحياة .

سم ماتقرأه الآن ماشئت ..من حقك أن تعتبره هراءا شرط أن تحتفظ لي بحق كتابته ..ولك أن تراه كلاما فارغا شرط أن تحاول كتابة ماتراه أفضل منه ؛ أما أن تحتفظ لنفسك فقط برفاهية الحكم دون عناء العمل ..وبصلاحيات القاضي دون عناء التقصي ..فأنت أحد اثنين ؛ إما جاهل لايدري أنه جاهل ، وإما عاجز يسوؤه أن يعمل الناس كما يسره أن يجد قائمة العاجزين تطول!

سعادتي الآن لاحدود لها بعد كتابة هذه الكلمات ..تلك هي غايتي مما كتبت ..أن أكون سعيدا ..أن أستمتع ..أن أثبت لنفسي قدرتي علي التعبير عنها وقتما أرادت بوضوح شمس استوائية ..ليس مهما أن يتفق معك أحد فيما تكتب ..المهم أن تكون متسقا مع ذاتك ..محتفظا لنفسك بحقها في الوجود ..محترما حق غيرك في الاختلاف معك شرط ألا يتحول هذا الاختلاف إلي كيد رخيص تخسر به نفسك ولاتجد لقامتك وجودا في مرآة الرجال !

الجمعة، 18 ديسمبر 2009

وتلك الأمثال ..بقلم سناء البيسي ..نقلا عن الاهرام



عندما تأنس لي حفيدتي في ساعة صفا‏,‏ وتطلعني علي أسرارها‏,‏ تأتيني بدفاترها الوردية اللامعة لأجد فيها غريمتي وقد تفردت بلقطاتها المرحة علي جميع الصفحات‏,‏ والتي منها باقة من الطوابع الخاصة ما أن ينزع عنها غلافها الخلفي إلا وتغدو صالحة للصقها أيضا علي واجهة الحقيبة المدرسية‏,‏ ومقلمة الألوان‏,‏ ومرآة دولاب الفساتين‏..‏ مايلي سيرس أو هانا مونتانا بطلة حلقات وأفلام وسيديهات والت ديزني التي تغني فيها وترقص وتعزف الجيتار منذ أن كانت في الثانية والآن قد بلغت السادسة عشرة‏..‏ مايلي محل نظر واهتمام وانشغال واقتناء حفيدتي التي يدفعني غيظي من مايليها للبحث عن وسيلة للحد من طغيانها لكن قلبي لا يطاوعني علي بتر تيار محبة حبيبتي لأي مخلوق يسعدها التواصل معه‏,‏ وأطمئن النفس بأن حفيدتي حتما راجعة لحظيرتي ــ حيوانية للغاية تلك اللفظة ــ وأن مايلي ليست سوي تقليعة مراهقة إلي زوال مثلما كانت الأوتوجرافات الملونة شغلنا الشاغل في تلك السن‏,‏ نتباري علي صفحاتها في جمع الكلمات والتوقيعات‏,‏ ويبقي نهارنا فل لو وافقت المس بتاعة الفرنساوي بالذات علي أن تكتب لنا فيها كلمة بالفرنساوي‏,‏ويبقي نلنا المني وحاجة ماحصلتشي لو تفضلت صاحبة السمو حضرة الناظرة ووقعت في الأوتوجراف باسمها المبجل‏..‏ ومثلما تزن الموبايلات الآن برسائلها وأدعيتها السماوية في الأعياد والمناسبات الموزعة بكل محتواها علي أجهزة الجميع بحكم التكنولوجيا لنقوم بتخزين بعضها لطرافته أو لإعادة تصديره باسمنا‏,‏ فقد كنا علي أيامها نحتفظ بالأوتوجراف بعبله بلا فرصة للمسح‏,‏ ولم تزل في الأدراج كلمات مراهقاتنا المأثورة‏:‏ أتمني لك عريس ابن حلال وعربية باكار وفيللا بدون إيجار‏,‏ وإذا جلست وقت المغيب وتذكرت البعيد والقريب أرجو أن يكون لي من الذكري نصيب‏,‏
واللي يكتب لك قبل مني كان يحبك أكثر مني‏,‏ وأكتب لك علي الورقة البمبية يا ذات العيون العسلية‏,‏ وبيني وبينك بحر طويل خايفة أعدي لحسن أميل‏..‏ الخ‏..‏ وكانت الوالدة رحمها الله ما أن تلحظ بزوغ أوتوجراف العام الجديد إلا وتحتل لنا واجهته بحكمتها المعهودة محاولة بها زرع مقوماتها الأخلاقية في أنفسنا نحن بناتها الثلاث اللاتي لم يحظ رحمها لهن بالشقيق الذكر ليذود عن عرينهن ويراقب حركاتهن ويكبح جماحهن ويطبق علي أنفاسهن ويسخف نجومهن ويطفش معجبيهن ويحجم طموحهن ويسور طريقهن ويوصلهن معتدل مارش لبيت العدل بمشية العسكري علي الصراط المستقيم‏..‏ حكمتها تكتبها وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا التي استقتها من قراءتها لرواية الفضيلة لأديبها المفضل المنفلوطي والتي ترجمها عن رواية بول وفرجيني‏,‏ وفيها فضلت البطلة ــ البلهاء ــ فرجيني الموت غرقا وسط خضم الأمواج علي أن يحتضنها بول ليخرجها من الغويط‏,‏ فالاحتضان في حد ذاته إثم بغيض حتي ولو سلمت نية الجدع ولم يشبها شائبة زوغان عين‏,‏ فالموقف غير مناسب والمبتغي البرئ النقي الطاهر هو إنقاذ البنية من هول المصير‏..‏أمي رحمها الله كانت تخط حكمتها وبعدها تغلق قلمهاوعينيها وتنام وفي بطنها بطيخة صيفي مرتاحة الضمير‏,‏ فقد أدت بأدائها ما عليها من التبصير والتحذير والتنوير‏,‏ بينما أظل أنا صاحية لا أستسيغ ذلك المد المشوه في لفظة هموا ــ التي أشعر بأن الوالدة تعنينا بها ــ ولا ذلك الفراغ السرمدي الذي ذهبت إليه تلك الهموا‏,‏ وما دخل الأخلاق هنا بالأمم المتحدة أو بعصبة الأمم وقتها‏.‏و‏..‏ بالأمس كنت سهرانة أمام الشاشة في آخر محطات الريموت بعيدا عن دوائر الاستنفار وعدم إمكان النوم علي طول محطات القلق والنكد والهم والغم والإحباط واليأس والحائط السد والسحابة السوداء والموت الزؤام والتكفير والهجرة ونقص المناعة ونقص الدواء ونقص الخبرات ونقص الأدب‏,‏ وحوارات صراخ تجريم الفساد والتعليم والخنازير والمواصلات والجزائر والبرادعي والسلب والنهب وسائقي القطارات ورعونة المعديات ولجنة السياسات وضريبة العقارات وقانون الطوارئ ورجال الأعمال ومجلسي الشعب والشوري‏..‏ الخ‏..‏ محطة نائية أدخل فيها برأسي لأنسي عيشتي وأتوحد مع ناس عايشين طبعهم هادئ وكلامهم بشويش‏,‏ الواحد منهم يتكلم يسمع له التاني‏,‏ والتاني يعلق يسمع له الأولاني بحكم أدب الإنصات‏..‏ ناس ذوق ذوق ذوق‏..‏ ألتقي معهم بحوار له معني‏,‏ وضحك له مغزي‏,‏ وفكر له دلالاته‏,‏ وفلسفة بدون سفسطة‏,‏ وسياسة بسياسة‏,‏ وجدية بدون تهريج‏,‏ وحرية بدون ترهيب‏,‏ وفن علي مستوي لا يعتبرنا ــ لا مؤاخذة ــ حائطا يقضي فوقه حاجته‏..‏ بطل الفيلم يلعب دور رئيس سابق للولايات المتحدة‏,‏ والبطلة متدربة جامعية سوداء لها مقدرة الحديث مع الحيوانات‏,‏ تم استدعاؤها في مهمة تهذيب وتدريب أخلاق كلبة الرئيس المدللة‏,‏ وعندما تفشل جميع مجهوداتها مع الكلبة تجمع ــ دامعة ــ حقيبتها للمغادرة كاسفة البال‏,‏ فيطرق الرئيس بابها ليعيد علي مسامعها نصيحة مدربه الرياضي في لعبة الهوكي التي اتخذها شعارا لمسيرته مما أوصله باعتناقها للمقعد الرئاسي‏,‏ والنصيحة كانت تابع التسديد بمعني عدم اليأس‏,‏ وأن الفشل جزء حتي في حياة الناجحين‏,‏ وأن أينشتاين رسب في امتحان الالتحاق بالجامعة‏,‏ وبيكاسو ظل مرفوضا حتي بلغ مرحلة التكعيب‏..‏ وتمثلت بالمثل عندنا تابع التسديد فوجدت عبدالحليم قد رموه بالطماطم عندما غني لأول مرة‏,‏ والريحاني حبسوه طويلا في أدوار الدراما‏,‏ ومحفوظ من قبل نوبل كان موظف حكومة وكتب عشرات الحوارات والسيناريوهات‏,‏ والحكيم صال وجال وكيل نيابة في الأرياف‏,‏ وأم كلثوم مقرئة بالعقال في الكفور والنجوع‏,‏ وعبدالفتاح القصري مدرس فرنساوي‏,‏ وعبدالعزيز محمود بمبوطي من بورسعيد‏,‏ والعقاد عمل مدرسا و‏..‏فضل شعبان عبدالرحيم مكوجي لغاية ما قال إيـيـيـيـيـيـــه‏!!‏وبحكم تربيتي في مهب الأمثال الراجحة والشارحة والجارحة والقارحة‏,‏ وكل كلمة بمثل‏,‏ وكل من له مثل يرد عليه بالمثل‏..‏ بحكم غرامي بالأمثال أنهل ولا أرتوي من رحيق أمثال العرب بالذات‏:‏ إن في البيان لسحرا‏..‏ إن لم يكن وفاق ففراق‏..‏ إذا أتاك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تقضي له حتي يأتيك خصمه فلعله فقئت عيناه‏..‏ أجع كلبك يتبعك‏..‏ الخيل اعرف بفرسانها‏..‏ استراح من لا عقل له‏..‏ رب أخ لك لم تلده أمك‏..‏ ربما كان السكوت جوابا‏..‏ ركوب الخنافس ولا المشي علي الطنافس‏..‏ سحابة صيف عما قليل تقشع‏..‏ ظاهر العتاب خير من باطن الحقد‏..‏ العتاب قبل العقاب‏..‏ أقلل طعامك يحمد منامك‏..‏ كل فتاة بأبيها معجبة‏..‏ كل امرئ في بيته صبي‏..‏ لكل قادم دهشة‏..‏ لا يضر السحاب نباح الكلاب‏..‏ مقتل الرجل بين فكيه‏..‏ الناس أتباع من غلب‏..‏ تجارة الأحمق علي أهل بيته‏..‏ تبات نار تصبح رماد‏..‏ رأسين في عمامة ما يكون‏..‏ زوج القصيرة يحسبها صغيرة‏..‏ صبري علي الحبيب ولا فقده‏..‏ غابت السباع ولعبت الضباع‏..‏ كل من عودته بأكلك كلما نظرك جاع‏..‏ كل كرها واشرب كرها ولا تعاشر كرها‏..‏ نيتك مطيتك‏..‏ لا عاش العار ولا بني له دار‏..‏كل ألف مصة ماييجو بغصة‏..‏ يا ليتنا انكسرنا ولا بك انتصرنا‏..‏ من سكت عن جاهل فقد أوسعه جوابا‏,‏ وأوجعه عتابا‏..‏ من أسرع في الجواب أخطأ في الصواب‏..‏ من قصر عن السياسة صغر عن الرياسة‏..‏ من أعظم الذنوب تحسين العيوب‏..‏ من ضاق خلقه مله أهله‏..‏ النظر في العواقب نجاة‏..‏ إذا جهلت فاسأل‏..‏ من نام عن عدوه أيقظته المكائد‏..‏ فليقل خيرا أو ليصمت‏..‏ لكل داء دواء يستطب به‏,‏ إلا الحماقة أعيت من يداويها‏..‏ لا يصح إلا الصحيح‏..‏ لو تفتح عمل الشيطان‏..‏ إن كنت تدري فتلك مصيبة‏,‏ وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم‏..‏ لا حس ولا خبر‏..‏ الحساب يجمع‏..‏ هيهات تضرب في حديد بارد‏..‏ الزائد أخو الناقص‏..‏ بصلة المحب خروف‏..‏ يتمنعن وهن الراغبات‏..‏ الأذن تعشق قبل العين أحيانا‏..‏ إن هذا الشبل من ذاك الأسد‏..‏ من شابه أباه فما ظلم‏..‏ هن رحمة لنا‏..‏ من قال لا أعرف فقد أفتي‏..‏ علي وعلي أعدائي‏..‏ أنا ومن بعدي الطوفان‏..‏ يمهل ولا يهمل‏..‏ الطمع يقل ما جمع‏..‏ الناس موتي‏,‏ وأهل العلم أحياء‏,‏ سهري لتنقيح العلوم‏,‏ ألذ لي من وصل غانية‏,‏ وطيب عناق‏..‏ تراه ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله‏..‏جديد ثوبك لا يضرك بعد أن خشي الإله‏,‏ وتتقي ما يحرم‏.‏ راحت رجال الهيبة وبقيت رجال الخيبة‏.‏ومن التوراة‏:‏ من قنع شبع‏,‏ ومن الإنجيل‏:‏ من اعتزل نجا‏,‏ ومن الزبور‏:‏ من سكت سلم‏,‏ ومن القرآن‏:‏ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلي صراط مستقيم‏..‏ لا تقتل حية وتترك ذيلها‏..‏ المصائب لا تأتي فرادي‏..‏ ما أشبه الليلة بالبارحة‏..‏ الغضب ريح تهب تطفئ سراج العقل‏..‏ حسبك من الشر سماعه‏..‏ تري الفتيان كالنخل‏,‏ وما يدريك ما الدخل‏..‏ فلا تمنحن الرأي من ليس أهله‏,‏ فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه‏..‏ حاجة لا تهمك أوصي عليها زوج أمك‏..‏ ذكروا المدن فجاءت القري تحجل‏..‏ ثقيل واسمه صخر بن جبل‏..‏ اقعد يا حمار حتي ينبت لك البرسيم‏..‏ لو أن خفة عقله في رجله سبق الغزال ولم يفته الأرنب‏..‏ رب ملوم لا ذنب له‏..‏ كنت سندان فصرت مطرقة‏..‏ الحر حر ولو مسه الضر‏..‏ تزاوروا ولا تجاوروا‏..‏ زكاة البدن العلل‏..‏ سواء قوله وبوله‏..‏ شهر ليس لك فيه رزق لا تعد أيامه‏..‏ غني المرء في الغربة وطن‏..‏ فم يسبح وقلب يذبح‏..‏ كل قليلا تعش كثيرا‏..‏ كلامه ريح في قفص‏..‏ لكل جديد لذة‏..‏ إذا جاء موسي وألقي العصا فقد بطل السحر والساحر‏..‏ الخير لا يأتيك متصلا‏,‏ والشر يسبق سيله مطره‏..‏ إذاما أتيت الأمر من غير بابه ضللت‏,‏ وإن تقصد إلي الباب تهتد‏..‏ رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه‏..‏ سوء حظي أنالني منك هجرا‏,‏ فعلي الحظ لاعليك العتاب‏..‏ فما أكثر الأصحاب حين تعدهم‏,‏ ولكنهم في النائبات قليل‏..‏ قد يجمع المال غير آكله‏,‏ ويأكل المال غير من جمعه‏..‏ لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها‏,‏ ولكن أخلاق الرجال تضيق‏..‏ من كان فوق محل الشمس رتبته‏,‏ فليس يرفعه شيء ولا يضع‏..‏ هب الدنيا تقاد إليك عفوا‏,‏ أليس مصير ذاك إلي زوال‏..‏ ومن عاش في الدنيا فلابد أن يري من العيش ما يصفو وما يتكدر‏..‏ وإذا أتتك مذمتي من ناقص‏,‏ فهي الشهادة لي بأني كامل‏..‏ لا تنهي عن خلق وتأتي مثله‏,‏ عار عليك إذا فعلت عظيم‏..‏ لا يسكن المرء في أرض يهان بها‏,‏ إلا من العجز ومن قلة الحيل‏..‏ يريك الرضا والغل حشو جفونه‏,‏ وقد تنطق العينان والفم ساكت‏..‏ يفارقني من لا أطيق فراقه‏,‏ ويصحبني في الناس من لا أريده‏..‏ يريك البشاشة عند اللقاء‏,‏ ويبريك في السر بري القلم‏..‏ والشاة المذبوحة لا يؤلمها السلخ‏..‏ الناس أعداء ما جهلوا‏..‏ من لم ينجه الصبر‏,‏ أهلكه الجزع‏..‏ ما اختلفت دعوتان إلا كانت إحداهما ضلالة‏..‏هلك امرؤ لم يعرفقدره‏..‏ إذا كنت في إدبار والموت في إقبال‏,‏ فما أسرع الملتقي‏ ..‏ أفضل الزهد إخفاء الزهد‏..‏ وإذا لم تكن لي والزمان شرم برم‏,‏ فلا خير فيك والزمان ترللي‏.‏وتتسع دوائر الأمثال لتستوعب ببلاغتها وفصاحتها كل ما يجري فينا وعلينا‏,‏ وقد جاء في كتاب الله الكثير منها‏,‏ ولم يخل منها كلام رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو أفصح العرب جميعا‏,‏ ولأن سمة المصري العميقة هي التدين فالقرآن والسنة قد تغلغلا في وجدانه لينطق لسانه بأمثال تبدو من شدة ذيوعها وكأنها حديث العامة بالعامية إلا أن منطوقها آيات قرآنية وأحاديث نبوية متداولة لا يخلو الكلام منها كمداخل للإقناع ملخصة الحكمة كلها في عبارة قرآنية صارت مثلا من كثرة التداول‏,‏ أو سنة نبوية لخصها الحديث الشريف في عبارة موجزة أقرب إلي الحكمة المصفاة‏..‏ وقد أكد القرآن الكريم علي أهمية الأمثال كترشيد للسلوك الإنساني‏,‏ وبراهين وأدلة بما يقنع العقل وذلك في قوله تعالي في سورة الحشر‏:‏ وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون‏..‏ وقوله تعالي في سورة يس‏:‏ وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم‏..‏ وفي سورة العنكبوت‏:‏ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون‏,‏ وفي سورة الحج‏:‏ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطا لب والمطلوب‏,‏ ومن سورة الرعد‏:‏ فأما الزبد فيذهب جفاء‏,‏ وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال‏,‏ وفي سورة إبراهيم‏:‏ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء‏..‏ وفي سورة إبراهيم أيضا قال‏:‏ ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون وضربنا لكم الأمثال‏.‏وفي سورة النحل‏:‏ فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون‏,‏ وضرب الله مثلا عبدا مملوكا‏,‏ ووضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا‏..‏ وفي سورة الإسراء‏:‏ انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا‏.‏ومن الأمثال في كتاب الله تعالي‏:‏ لن تنالوا البر حتي تنفقوا مماتحبون‏,‏ وكل نفس بما كسبت رهينة‏,‏ وما علي الرسول إلا البلاغ‏,‏ وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله‏,‏ وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ولا يستوي الخبيث والطيب‏,‏ ويا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم‏,‏ فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر‏,‏ فبئس القرين‏,‏ كل يوم هو في شأن‏,‏ ووما ربك بغافل عما تعملون‏,‏ واهجرهم هجرا جميلا‏,‏ من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها‏,‏ إنه لقسم لو تعلمون عظيم‏,‏ كل من عليها فان‏,‏ كل نفس ذائقة الموت‏,‏ لا تزر وزارة وزر أخري‏,‏ لكم دينكم ولي دين‏,‏ وإنما يتذكر أولوا الألباب‏,‏ لا إكراه في الدين‏,‏ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها‏,‏ كل يعمل علي شاكلته‏,‏ ظهر الفساد في البر والبحر‏.....‏ ومن الأمثال المتداولة بين الناس المأخوذة عن القرآن والتي أعادت العامة المؤمنة الذكية تلخيصها واختيار خلاصتها محتفظة بالمنطوق القرآني وبنفس صياغته‏,‏أو مقتبسة معناه فقط فيقال الله أعلم عوضا عن النص‏:‏ وهو بكل خلق عليم‏,‏ وتقول أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد عوضا عن النص في سورة البقرة ولكن الله يفعل ما يريد‏,‏ وعوضا عن قول قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذي جاءت العامة بقولها‏:‏ الله الغني‏,‏ وعوضا عن النص الكامل فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير تكتفي العامة بالجزء الأخير الصلح خير‏,‏ وتكتفي بالقول العين بالعين والسن بالسن بدلا من‏..‏ أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن من سورة المائدة‏,‏ وفي النص لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي تكتفي العامة بالجزء الأول لا إكراه في الدين‏,‏ وبدلا من ليس علي الضعفاء ولا علي المريض ولا علي الذين لا يجدون ما ينفقون حرج من سورة التوبة‏,‏ فالمتداول ليس علي المريض حرج‏,‏ وبدلا من فأولئك كان سعيهم مشكورا من سورة الإسراء يقال في مناسبات العزاء سعيكم مشكور‏..‏ وتحتفظ العامة بآيات التسامح والصبر كما هي لتردد عفا الله عما سلف‏,‏ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها‏,‏ إن الله مع الصابرين‏,‏ إن الله معنا‏,‏ قل لنا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا‏,‏ وقوله تعالي‏:‏ إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو‏,‏ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب‏,‏ ولكن الله سلم‏,‏ والله مع الصابرين‏,‏ووعد الله حق‏,‏ وإن الله لا يخلف الميعاد واذكروني اذكركم‏,‏ ولا تخلو سطور كاتب من عبارة قرآنية تداخلت مع أجروميته بوعي أو بلا قصد منه مثل أدلي بدلوه‏,‏ أو حاشا لله أو زهق الباطل أو أضغاث أحلام‏..‏ الخ‏..‏ وحتي كلماتنا الدارجة إذا ما أرجعناها لأصولها لوجدنا إيش دراك من وما يدريك‏,‏ رحلة الشتاء والصيف التي نختصرها بلا عمد لنقول صيف شتا‏,‏ وأنت في أعيننا إلي في عنيا‏,‏ ولفظة يدوبك من وما كادوا يفعلون‏..‏ الخ‏,‏ وإذا ما كان الرسول صلي الله عليه وسلم‏,‏ كما قالت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها كان قرآنا يمشي علي الأرض‏,‏ فإننا علي هديه نقول عندما نقتنع برأي صالح لصاحبه منزلة كبيرة كلامه قرآن‏.‏ومن أمثال الحديث النبوي‏:‏ من غشنا فليس منا‏..‏ الوحدة خير من جليس السوء‏..‏ استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان‏..‏ مثل البيت الذي يذكر الله فيه‏,‏ والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت‏..‏ وارحموا ترحموا‏..‏ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي‏..‏ آفة العلم النسيان‏..‏ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه‏..‏ أنزلوا الناس منازلهم‏..‏ إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه‏..‏ اليد العليا خير من اليد السفلي‏..‏ من مات غريبا مات شهيدا‏..‏ الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق‏..‏ تخيروا لنطفكم‏..‏ الندم توبة‏..‏ لا يكون المؤمن طعانا ولا لعانا‏..‏ دع ما يريبك إلي ما لا يريبك‏..‏ انصر أخاك ظالما أو مظلوما‏..‏ كاد الفقر أن يكون كفرا‏..‏ الأعمال بخواتيمها‏..‏ استفت قلبك‏..‏ ولله في خلقه شئون‏..‏ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت‏..‏ لا ضرر ولا ضرار‏..‏ البينة علي المدعي واليمين علي من أنكر‏..‏ اللهم اجعله خير‏..‏ الحرب خدعة‏..‏ ألا هل بلغت‏,‏اللهم فاشهد‏..‏ كلكم لآدم وآدم من تراب‏..‏ اعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه‏..‏ من عرف لغة قوم آمن شرهم‏..‏ الكمال لله وحده‏..‏ اعقلها وتوكل‏..‏ الدين المعاملة‏ ..‏ الدين النصيحة‏..‏ الكلمة الطيبة صدقة‏..‏ يسروا ولا تعسروا‏..‏ أفلح إن صدق‏..‏ لا تغضب‏..‏ نهيت وأمتي عن التكلف‏..‏ تصافحوا يذهب الغل‏..‏ ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا‏..‏ أفشوا السلام‏..‏ يتوب الله علي من تاب‏..‏ حصنوا أموالكم بالزكاة‏..‏ لا يبع أحدكم علي بيع أخيه‏..‏ رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشتري وإذا اقتضي‏..‏ ويل للتاجر من بلي والله ولا والله‏..‏ ويل للصانع من غد وبعد غد‏..‏ إن الله يسأل عن صحبة ساعة‏..‏ ابدأ بنفسك‏..‏ إنما العلم بالتعلم وإنما الفقه بالتفقه‏..‏ لا تبلغوني عن أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم منشرح الصدر‏..‏ إماطة الأذي عن الطريق صدقة‏..‏ سيد القوم خادمهم‏..‏ ولله في خلقه شئون‏..‏ آفة العلم النسيان‏..‏ الله جميل يحب الجمال‏..‏ الكمال لله وحده‏..‏ تهادوا تحابوا‏..‏ إن لم تستح فاصنع ما شئت‏.‏وهكذا كان القرآن والسنة فيضا لا ينضب للأمثال التي تهدينا سواء السبيل‏..‏ وهكذا كانت هناك مصفاة تقدم خلاصة المعارف من القول المأثور والحكم والأمثال‏,‏ وكان الأهل بمثابة حفظة التراث الناقلين للأبناء من جواهره ما خف وزنه وغلا ثمنه‏,‏ وكانت رموز المعارف علي مستوي طه والعقاد وأحمد أمين وشلتوت‏,‏ وكان الباحث يعكف سنين علي المصادر والمراجع ليأتي بجديد‏..‏ الآن في نزهة ثوان للفأر‏Mouse‏ فوق الشاشة تنسكب المعلومات أنهارا بحسناتها وسيئاتها وأخلاقياتها وإباحياتها‏,‏ بلا مصفاة ولا ضابط‏..‏ الآن لم يعد يربي عيالنا سوي التليفزيون بإبهاره وألوانه وأبطال خياله‏,‏ بعدما انشغلت الأم في عملها والمدارس بأرتال عيالها‏,‏ وتفرق المثل الأعلي بين قبائل البرامج ليغدو قادة الفكر والثقافة والعلوم الذين يشكلون العقل المصري ووجدانه هم السادة الأفاضل المذيعون ومقدمو برامج التهييج والإثارة من ازدادوا عدة وعددا ــ قناة لكل مواطن ــ وصلفا وتأثيرا وبأسا ولغوا وعتوا‏,‏ولم تعد الحكمة مصفاة وإنما هلفطة تكون رأيا عاما قد يحمل في طياته جهلا عاما يشوه الوعي العام‏,‏ وأصبح من هؤلاء قوم يديرون الأزمات عن جهالة أو نكاية ليخرجونا منها وقد تأزم موقفنا ا لدبلوماسي والسياسي‏,‏ وحتي المثقفون القلة قد انساقوا لمثل هؤلاء إزاء التكالب علي ثقافاتهم ــ المتسربة ــ وفقههم ــ المطوع ــ بالصوت والضوء والشهرة والمعلوم‏,‏ وبعدما كان القول المأثور‏:‏ قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا‏..‏ قام تلاميذ مدرسة ثانوية تجارة أبوتشت في قنا هذا الأسبوع علي حيلهم ليس احتراما وتبجيلا لمعلمهم‏,‏ وإنما قاموا ليضربوه ويكسروا له مناخيره لأنه منعهم من استخدام الموبايل في الفصل أثناء الحصة‏..‏ و‏..‏ إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا‏..‏ ولم يعد هناك سوي أمثال‏:‏ خليك‏On‏ وماتبقاش‏Off‏ وصباح الخير بالليل‏..‏ و‏..‏ إيه النظام؟‏!!‏